[B]معاقون لـ"سبق": وظائفنا وهمية.. ورواتبنا
ريم سليمان – سبق – جدة: عبّر مسؤولون وناشطون مهتمون بذوي الاحتياجات الخاصة عن أسفهم من ضعف الاهتمام المجتمعي بهذه الفئة. وحذّروا من ارتفاع نسبة الإعاقة في المملكة والتي تتراوح بين 7 إلى 10في المائة.
وكشف المسؤولون لـ"سبق" النقاب عما أسموه بـ"التوظيف الوهمي" للمعوقين من قِبَل بعض الشركات؛ بهدف التحايل وزيادة نسبة السعودة، وليس إيماناً بدورهم تجاه هذه الفئة المهمّشة بشكل كبير. وأكّدوا أن المعاق إنسان طبيعي له طموح وأحلام وطاقات عديدة كأي مواطن معافَى.
وعبَّر معاقون لـ"سبق" عن تدنّي رواتبهم، مؤكّدين أن الخيارات أمامهم ضيقة ومحدودة للغاية، مايضطرهم إلى القبول بهذه الرواتب المتدنية.
عمل وهمي
في البداية قال عامر الذي يعاني من إعاقة حركية: تعبت كثيراً من البحث عن عمل، وباءت كل محاولاتي بالفشل، إلى أن أكرمني الله بعمل داخل إحدى الشركات وأخذت أجهز نفسي في أول يوم للعمل واستجمعت نشاطي وطاقتي كلها؛ حتى أستطيع أن أمارس عملي في قسم الحسابات بالشركة، بيد أنني فوجئت في أول يوم بمقابلة جيدة من مدير الشركة الذي أبلغني أن عملي موجود، وراتبي سيذهب إلى البنك أخر كل شهر، دون أي تعب أو إرهاق، وعلي أن أجلس في منزلي، وعندما حاولت أن أعرفه أني لست مريضاً، وأني قادر على العمل، رأيت الوجه الآخر بدأ في الظهور، وقال لي : أنا أريد أن أريحك وسوف يصل لك نصف الراتب شهرياً، والنصف الأخر يذهب لمن يقوم بالعمل، فما كان مني إلا أن قبلت لحاجتي الشديدة للمال، وقد دخلت في السنة الثانية لعملي "الوهمي".
راتب ضعيف
بينما قال محمد الذي يعمل داخل أحد المتاجر في جدة : سعدت كثيراً بعملي بعدما أُغلقت كل الأبواب أمامي، وأنا لست على درجة من التعليم، وعندما علمت بإعلان وظائف لذوي الاحتياجات الخاصة، اعتبرته وهماً، وليس حقيقياً إلى أن علمت من صديق أنه تم تعيينه ووقتها ذهبت وقدّمت أوراقي للشركة وتم تعييني، بحمد الله، كفرد عادي داخل المجتمع إلا أن الرواتب ضعيفة جداً، ولا تسمح لي بفتح منزل وتكوين أسرة.
واجب علينا
وأوضح مصدر مسؤول في شركة بندة أن المسؤوليّة الاجتماعية جزءٌ جوهري لا يتجزّأ من أعمال الشركة؛ سعياً منها أن تكون عضواً فعالاً في المجتمع السعوديّ بدعم مشاريع القطاعين العام والخاص تحت مسمى "واجب علينا"، وقد أطلقت الشركة أولى برامجها في مجال المسؤولية الاجتماعية عام 2001حتى وصلت اليوم للعديد من البرامج في مختلف القضايا الاجتماعية الهامة التي تعتبرها بندة جزءً من أعمالها في المنطقة المتواجدة بها.
وأشار المصدر إلى التعاون المستمر مع جمعية الأطفال المعوقين، والذي أسهم في دعـم الأطفال المعوقين بأكثر من عشرة ملايين ريال خلال السنوات السابقة، ومن خلال هذا الدعم درّبت الجمعية أكثر من 3300 طفل، إضافة إلى العمل على إطلاق مشروع لبناء مركز جديد للأطفال المعوقين في مكة المكرمة سيطلق عليه "وقف عملاء بندة". وقال: "تفاعلاً مع المسؤولية الاجتماعية حرصت الشركة على توظيف عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث بلغ عدد الموظّفين ما يزيد عن 60 موظّفاً".
وحول طبيعة عمل ذوي الاحتياجات أكّد أنه قد تختلف طبيعة العمل طبقاً لطبيعة الإعاقة، فمثلاً المعوق السمعي يتم دمجه في قسم الخضروات، أما حالات التوحّد وصعوبة التعلم يُكتفي بدوره في المخابز، وحالات الإعاقة الحركية يتم توظيفهم في الاستقبال، مشيراً إلى أن هناك توجّهاً لعمل المعاقين في وظيفة الكاشير، بيد أن ذلك يحتاج لوقت حتى يتم تهيئة المكان اللازم لعملهم.
لست وحدك
من جهته أفاد مدير جمعية الأطفال المعوقين في جدة، الدكتور عثمان عبده هاشم، أن الجمعية مسؤولة عن الأطفال، فيما دون 15 سنة، ولدينا برامج خاصة لتوظيف الكبار منها برنامج "لست وحدك"، حيث تقوم الجمعية بهمزة الوصل بين ذوي الاحتياجات الخاصة والشركات، كما نقوم بمعرفة المعلومات الكاملة عن المعاقين وتوصيلها إلى الشركات، بيد أن الشكوى الدائمة لذوي الاحتياجات تكمن في ضعف الرواتب وطول ساعات العمل، وهذا ما نسعى لتعديله مع الشركات.
وأبان أن الشركات الآن باتت تولي أهمية كبيرة في توظيف ذوي الاحتياجات فتعيين واحد من ذوي الاحتياجات يعادل قيمة 4 من غير المعاقين، فالشركة التي توظّف 4 معاقين تعادل ما يقرب من 20 سعودياً، وبذلك تكون قد زادت نسبة السعودة بدرجة كبيرة.
ورأى الدكتور عثمان أن الجميع لا بد أن يعلموا أن المعوق جزء من المجتمع، ويجب أن يُعامَل مثل أي فرد عادي، وهذا يتحقّق بكثرة الملتقيات والأنشطة التي تساهم في توعية المجتمع بدور المعاقين.
وحذَّر من ارتفاع نسبة الإعاقة داخل المملكة، والتي بلغت نسبتها بين 7 إلى 10 في المائة من المجتمع، وعادة ما ترجع الأسباب إلى زواج الأقارب والحوادث المرورية والأخطاء الطبية التي لا ذنب لهم فيها.
سلبية التهميش
وفي هذا السياق اعتبرت مدير عام الجمعية الخيرية النسائية بجدة نسرين الإدريسي أن تهميش هذه الفئة ينتج عنه أثار سلبية عديدة ومشكلات نفسية، وأكّدت أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم فئات من المجتمع لها طاقات كامنة وغير مستغلة، وما زال المجتمع لم يستفد منها حتى الآن، وسوف يخسر المجتمع بشكل كبير إذا أُهملت هذه الفئة، وتساءلت أين دور الشركات من المسؤولية الاجتماعية؟؟.
لحياتنا معنى
فيما رأت مؤسسة برنامج "لحياتنا معنى" المعني بذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الشباب والشابات المهندسة لينا حجار، أنه لا بد من تحديد نوعية الإعاقات فهناك إعاقة سمعية وبصرية وحركية، وأصحاب الإعاقات البصرية لا يزالون يعانون حتى الآن من عدم وجود وظائف، مشيرة إلى أن المعاق له طموح وأحلام وطاقات عديدة كأي مواطن معافى، وما تفعله بعض الشركات في توظيف المعاق يكبت أحلامه وطموحاته، ولا يجعله يحلم بأي نوع من الترقية أو العلاوة، فوجوده فقط للتواجد ليس إلا، وليس له حق في الحلم والصعود لأعلى.
وأكّدت أن هذه الفئة تحتاج لفرصة للحياة بشكل كريم وجيد وللتطوّر والطموح وليس الجلوس على مقعد، فالإعاقة ليست في ذوي الاحتياجات الخاصة، بل في عقول البعض الذي لا ينظر إلا إلى ضرورة اكتمال الحواس الخمس فقط، وليس العقل.
وأعربت حجار عن أسفها مما رأته في بعض الشركات من توظيف وهمي للمعوقين لزيادة نسبة السعودة داخل الشركة فقط، وليس إيماناً منهم بدورهم تجاه هذه الفئة المهمّشة بشكل كبير.
[/B]