قصة وراءها غصة.
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تطرد فتيات دار الضيافة وتجبرهن على مغادرة السكن وتسلمهن إلى المصير المجهول؟
إنها إفادة ثلاث فتيات، ويبقى الجواب عند المسؤولين في وزارة الشؤون.
قصة الغصة روتها لـ «الراي» ثلاث من الفتيات، من بنات الوزارة التي كما قلن، احتضنتهن منذ الصغر وقطعت شوطا كبيرا في تربيتهن، قبل أن «تقسو عليهن بقرار الطرد من السكن الخاص بهن كونهن مجهولات الوالدين» على ما أفدن.
الفتيات اللواتي لجأن إلى «الرأي» على أن تصل قصتهن من خلف الدموع والألم إلى من بيده الأمر، فيصوّب قرارا وصفنه بالمجحف ويمنع قرارات أخرى قد تكون على الطريق، دون أن ينسين تسجيل غضبهن من جملة قرارات «حولت الدار إلى ما يشبه مخفر الشرطة أو إدارة مباحث، بسبب تواجد الشرطة النسائية والأم البديلة والكاميرات والبطاقات التعريفية والبصمة وتحديد ساعات الخروج والدخول إلى الدار ومواعيد الزيارة، وغيرها من الشروط»، على حد قولهن.
إحدى الفتيات بدأت القصة بقولها «إن وزارة الشؤون مارست كثيرا من الضغوط علينا لإجبارنا على الخروج من الدار، فبدأت اولا بحرماننا من المصروف والعيدية والملابس، إضافة إلى مضايقتنا من خلال الامتناع عن دفع الرسوم الجامعية، على الرغم من تفوقنا في تحصيلنا الدراسي».
وأضافت «لم نجد من يستمع الينا، إلى أن تم إبلاغنا بضرورة إخلاء الدار، وكان ذلك عن طريق إحدى المسؤولات، مع إمهالنا أسبوعا واحدا فقط دون توفير البديل، بالرغم من الوعود التي بلغت مسامعنا من دعم مادي يكفي لتأمين بدل إيجار، مع مبلغ ألف دينار لتأمين الأثاث، لكن كل تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح».
لكن لا بد من سبب لقرار «الطرد»؟
تقول الفتاة «إن فكرة الطرد بدأت نتيجة سفر إحدى البنات دون اعلام الادارة وفور بلوغها سن الـ 21 تم طردها، إلى أن وقع الاختيار علينا ليتم طردنا بحجة اتهام باطل بتكسير كاميرات المراقبة الموضوعة في الدار لدفعنا إلى الخروج، وهذا كان محل استغرابنا لماذا نحن وليس سوانا؟».
وأضافت «إن كل محاولاتنا للحديث مع مسؤولين في الوزارة باءت بالفشل، وفي إحدى الليالي عدنا إلى الدار لنفاجأ بوجود ثلاثة موظفين يرفضون السماح لنا بالدخول إلى الدار فدخلنا عنوة، وهنا تم طلب الشرطة لإجبارنا على المغادرة».
وقالت «إن الوزارة خصصت لنا مبلغ 559 دينارا كراتب شهري بالإضافة إلى وعود ببدل ايجار وبدل أثاث وبدل مواد غذائية، سمعنا بكل هذا لكننا لم نر منه أي شيء على أرض الواقع».
ودخلت الفتاة الثانية على خط الحديث فقالت «إن الوزارة تضغط على أكثر من 30 فتاة للخروج من الدار وتم بالفعل خروج 7 فتيات حتى الآن، ونحن لا نعرف سببا لذلك، وكل الأمر يتم بناء على تعليمات شفهية لا سند لها من القانون فيما يبلغ العدد الإجمالي للفتيات 54، أما فكرة الأم البديلة فهي فكرة لوضع مخبرة في كل دار حتى تكون موجودة على مدار الساعة ولمدة خمسة أيام في الأسبوع ترصد كل كلمة من البنات، ناهيك عن فكرة الشرطة النسائية، مع مواعيد جديدة للدخول والخروج من الدار، ولا يسمح لأي فتاة بالدخول بعد الثانية عشرة ليلا من البوابة الرئيسية ولا يسمح بالخروج بعد التاسعة مساء، وهذا بالطبع ينطبق على الزيارات، وكأنهم يريدون عزلنا عن العالم، حتى أن إحداهن تسورت الدار بعد أن تم منعها من الدخول، فهل يريدون لنا ذلك؟»
وقالت «إن كل هذه التعليمات أتت بناء على رغبة الوزارة، إضافة إلى الرغبة بارتداء الفتيات الحجاب ما يعتبر تدخلا في الأمور الشخصية».
أما الفتاة الثالثة فقالت: «إن وزارة الشؤون وضعت الفتيات في دارين منفصلتين، إحداهما تسمى دار الفتيات وتضم الأعمار ما بين 16 إلى 22 عاماً، والأخرى دار الضيافة وتودع فيها الفتيات اللواتي تجاوزن الـ 22 عاما، وهذا يدل على أن اللائحة المنظمة للدار تؤكد قانونية وشرعية وجودنا في الدار، غير أن تعاقب الوزراء على الوزارة جعل اللوائح والقوانين في حالة تغير دائم».
وتساءلت «هل من المنطق الحصول على موافقة خطية قبل السفر، سواء كان للدراسة او للعلاج أو السياحة، فهناك فتاة أعيدت من دبي لعدم حصولها على الموافقة قبل السفر، وبالرغم من كونها طالبة مجتهدة وكانت تقيم هناك للدراسة، في حين هناك من الفتيات من يسمح لهن بالتجوال بين الجامعات وفي دول مختلفة».
وقالت «إن الصندوق الذي خصص لهذه الفئة هو من أجل تلبية كل احتياجاتها ومتطلباتها، وتشمل الدراسة والعلاج وسوى ذلك من أمور الحياة، لكن التصرف في ذلك يتم من خلال الانتقائية والمزاجية، وهذا أمر غير مقبول وغير منطقي وغير عادل أو منصف».
قصة الفتيات الثلاث انتهت، وبقي أن نسمع الإجابة من قبل وزارة الشؤون، التي لا نعتقد أن مسؤوليها قد يبخلون في توضيح صورة تحتاج إلى توضيح، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضية إنسانية بحتة في بلد تمتد إنسانيته وأياديه البيضاء إلى أقاصي المعمورة.
… في انتظار الإجابة.