0 تعليق
456 المشاهدات

«ماجدة أبو العلا».. حين تجتمع الإعاقة والتهميش وقسوة القدر



وسط أجواء محمّلة بعبق التاريخ وسحر الماضي أعادت عجلة الزمان للوراء، فجسدت ما قرأناه في كتبنا حينما كنا صغارا.. استطاعت ماجدة حنفى أبو العلا، موظفة شئون الطلاب بكلية الفنون التطبيقية، أن تحول تلك الطلاسم الموجودة في كتب التاريخ، إلى فن يخطف القلب قبل العين، هكذا تغلبت على إعاقتها وتحدت ضيق الحال، بأن جعلت من بيتها مُتحفا صغيرا يحوي بين جنباته مائة هرم مجسم، استُخدمت فيه الألوان والزخارف بصورة تعكس تفردها وتميزها في هذا الفن.

حينما تقصد منزلها المتواضع، ترى أمامك نموذجا للمرأة العاملة التي أصرت على تحقيق ذاتها منذ 28 عاما، وتجدها أيضا الأم المثالية لثلاث فتيات أكبرهم في الثانوية العامة، وهي التي ضربت أروع مثال للصبر على الابتلاء ولم تضجر يوما من إعاقتها، أو قدرها لتتمسك بحقها في الحياة وتجاهد لكي يصل فنها إلى الجميع.

استهلت ماجدة كلامها قائلة: «تم تعيينى يوم 2 أبريل 1986 ضمن نسبة الـ 5% ذوى الاحتياجات الخاصة؛ نظرا لإصابتى بشلل أطفال في الساق اليمنى، ولم يمنعنى ذلك من التواجد بشكل يومي وبدوام كامل رغم ما يسببه ذلك من ألم ومشقة، فضلا عن المواصلات التي تمثل عبئا نفسيا وجسديا، ولكن كان العمل دافعا للتغلب على تلك الصعاب».

ولم تكن إعاقة «ماجدة» هي آخر ما واجهته من آلام وأحزان، بل كان هناك موعد آخر دبره القدر لها، حيث تروي أنه في عام 1990، فجأة انهار المنزل وهي تسكن فى الدور الثالث، وسقطت مع الأنقاض، ونتج عن ذلك كسر فى عنق الفخذ اليمنى، وهى ذات الساق المصابة بشلل الأطفال، وانتهى الأمر بوجود قصر بالساق اليمنى قدرة 8 سم يؤثر على حركة المشى وتتحامل على عكاز، مما يسبب ألما فى يدها التى تتكأ بها على “العكاز”.

وبالكاد أغلقت تلك الصفحة الكئيبة في حياتها، لتجد أن في الغيب شيء من ألم ووجع بدأ يتكشف بمرور الأيام، ففي عام 2003 أُصبت بورم خلف العين اليمنى نتج عنه تآكل فى أغشية العين وخرجت العين من مكانها الطبيعى، وهو ما استلزم عملية جراحية “بذل”، لكن الأمر قد تطور إلى أن تحول لورم فى المخ بالفص الأيمن وأجريت لها عملية فى إحدى مستشفيات التأمين الصحى، قائلة: “خرجت من كل هذا بلا حول ولا قوة، وذلك أثر على نظرى وكلامى وذاكرتى وتركيزى”.

وأردفت: “كنت أتواجد فى عملى قدر المستطاع وخصوصا أننى غير مكلفة بعمل محدد، وعليه تم حرمانى من كل المكافآت وكأننى أعاقب على مرض ليس لى فيه يد، فضلا عن ذلك تعرضت لتعنت كل من تولى منصب أمين الكلية، فكل أمين يصر على حضورى يوميا رغم ظروفى وكأنه استعراض للقوة على حساب مرضى”.

وتابعت: أخيرا تعرضت لتغييبى من كشوف الحضور والانصراف “الشطب على اسمى فى الحضور والانصراف لمدة 32 يوما فى الفترة من يناير 2014 حتى مايو من نفس السنة”، وهى الفترة التى كانت المظاهرات لا تنقطع فى جامعة القاهرة الواقع بجوارها محل عملى وهى كلية الفنون التطبيقية، وكانت الطرق مغلقة مروريا، ولا أستطيع الجرى فى حال تعرضت لأمر ما، وهى الفترة ذاتها أيضا تخللها إجازة نصف العام التى استمرت شهرين ونصف الشهر، وأيضا إجازة أسبوعا كاملا من المجلس الأعلى للجامعات وقت إجراء الانتخابات الرئاسية؛ أى أن الشطب تجاوز نصف مدة أيام العمل الفعلية برغم وجود أصحاء لم يتعرضوا لهذا الشطب بل على العكس كوفئوا بزيادة فى المرتبات.

وبنبرة صوت يملؤها خيبة أمل، استطردت “ماجدة” قائلة: “كان يمكننى تسيير أمورى لو أننى فعلت مثل الآخرين وقدمت الهدايا للسيدة الأمينة التى عينت- بقرار ادارى من داخل الكلية فقط، ولكننى متمسكة بحقى، وعندما واجهتها هددتنى بزوج صديقة لها كانت وقتها جالسة معها فى مكتبها الخاص بأمانة الكلية وهو برتبة عميد بمديرية أمن الجيزة، وقالت لى أنا ممكن أجيب البوليس -عن طريق زوج صديقتها طبعا- يرميكى بره، رغم أنني قضيت في وظيفتي 28 سنة دون مخالفة أو حتى لفت نظر، ثم تتم إهانتي بعد أن بلغت من العمر 50 عاما.

واختتمت حديثها بكلمات مقتضبة تعكس مرارة الواقع الذي تعيشه، مهددة بالاعتصام في مقر عملها، وأكدت أنها ستشعل النار في نفسها لو استمر الظلم الواقع عليها، رافضة أن تظل 28 سنة في ذل وقهر، وأن يأتي كل مدير ليختبر قوته فيهم، قائلة: “الدولة أن اديتها عمري ومخدتش منها شيء..ولا تمويل لشغلي ولا تموين لبيتي وولادي ..رغم إني أقوم بشغل كتيبة كاملة ..واشغل تحت ايدي 100 لكن مفيش تمويل ومفيش عدل في البلد”.

ولم تكن “البديل” مجرد بوقا ينقل صوت تلك الحالة في الفراغ، بل تقدمت بشكوى إلى الدكتور حسام المساح الأمين العام للمجلس القومي لشئون الإعاقة، وطالبته بسرعة التدخل لمنع تلك الانتهاكات ، ووعد بسرعة الحل ومخاطبة عميد الكلية ورئيس الجامعة، لكي تحصل على كافة حقوقها كسيدة من ذوي الإعاقة، فضلا عن محاسبة أمين الكلية التي تتفنن في ظلمها.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3777 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4154 0
خالد العرافة
2017/07/05 4694 0