[B]استنكر مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية عدم تهيئة المساجد ودور العبادة للمعاقين بشكل عام ولذوي الإعاقات البصرية تحديدا، خصوصا أنها تعد أمرا أساسيا في ظل وجود الكثير من أصحاب الإعاقات الذين لا يريدون بأي حال من الأحوال أن تفوتهم صلوات الجماعة.
وقال محمد العوض، المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن عدم تهيئة المساجد ودور العبادة لذوي الإعاقات يكشف عن مدى القصور الذي نعانيه جراء توفير احتياجات تلك الفئة، ولا سيما أننا نرى عددا محدودا من المقاعد للمعاقين في بعض المساجد وليست جميعها».
وشدد على أهمية تهيئة المساجد بالكامل، إلى جانب الطرقات وكافة المرافق العامة، مطالبا بضرورة إدراج شرط أساسي عند بناء أي مبنى ينص على تهيئته للمعاقين، وذلك على كل قطاع فيما يخصه.
يأتي ذلك في وقت طالبت فيه جمعية إبصار الخيرية لذوي الإعاقة البصرية الجهات المعنية بضرورة دعم فلسفة الوصول الشامل لأصحاب الإعاقات البصرية وتطبيقها في كافة المباني المشيدة للمعاقين والمرافق العامة ودور العبادة وخصوصا المساجد.
وأوضح محمد توفيق بلو، أمين عام جمعية إبصار الخيرية، أن معظم مداخل المساجد تتضمن الكثير من العوائق المتمثلة في الحواجز والأبواب ودعامات الظهر داخل المسجد ورفوف المصاحف المعلقة على الأعمدة، عدا عن كونها لا تضم مخارج أو سلالم طوارئ رغم خطورة ذلك.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر المراحيض ودورات المياه في المساجد أشد صعوبة، خصوصا أنه يصعب حتى على الأصحاء استخدامها، مما يجعلنا لا نستغرب عدم وجود المعاقين في المساجد»، مطالبا وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بضرورة تطبيق الوصول الشامل للمساجد، خصوصا أن وجودهم في الجوامع له دور كبير في تواصلهم الاجتماعي مع أقرانهم الأسوياء.
وأشار إلى أن الجمعية ستعمل على إيجاد آليات لتطبيق فلسفتها في الوصول الشامل لذوي الإعاقة البصرية مع كافة الجهات الحكومية والقطاع الخاص الذين يقدمون الخدمات العامة، لافتا إلى أن هدفها يتمثل في تطبيق مبادئ عامة للحد من العوائق التي تواجه المعاقين بصريا وإيجاد البيئة العمرانية المتوافقة مع تطلعاتهم.
وأضاف: «يتم ذلك من خلال التركيز على الوصول إلى مجتمع عمراني يعنى بالمعوقين بصريا في جميع المرافق مع توجيه عناية المجتمع بأهمية تصميم مراكز ومرافق المعاقين بصريا والسعي من خلالها إلى وضع معايير عمرانية خاصة للمشاريع المستقبلية، والاستناد على مبادئ تتمثل في المحيط العام والخارجي للمرافق».
وأبان بضرورة الأخذ في الاعتبار العناية بالبيئة، والتقليل من اعتماد المبنى على البيئة المحيطة به، والعناية بالتراث العمراني، وجوانب اقتصاديات البناء، وضمان التصميم للاستغلال الأمثل للموارد المالية والبشرية، ومراعاة المرونة لتعددية استخدام المبنى.
وأضاف بلو: «إن الجمعية ستعمل مع الجهات المختصة في تنفيذ حملة توعوية تهدف إلى إبراز الوضع العام للوصول الشامل للمعاقين بصريا في محافظة جدة والخطوات المطلوبة لتنفيذ ذلك، لا سيما أن الوصول الشامل المراد تطبيقه يعد بعيدا عن الحقيقة في الوقت الراهن».
في حين، ذكر أحمد أبو حسان، مستشار العلاقات العامة والإعلام بجمعية إبصار الخيرية لذوي الإعاقات البصرية، أن الدور في تطبيق برنامج الوصول الشامل يعد كبيرا، والذي يحتم على المواصلات والسياحة توفير بيئة مهيأة بالعلامات اللازمة والإشارات المرورية الناطقة ووسائل المواصلات المناسبة لقدرات المعاق بصريا المادية واحتياجاته اليومية.
وطالب أبو حسان وزارة الثقافة والإعلام والمؤسسات التابعة لها باستخدام تقنية «HTML» بدلا من «Flash» في تصميم مواقعها الإلكترونية بقدر الإمكان، كي يتمكن ذوو الإعاقة البصرية من تصفحها والاستفادة منها من خلال البرامج القارئة للشاشة. وأكد أن ذلك يسهم في تصحيح نظرة المجتمع بإعداد برامج إعلامية متنوعة تواكب التطلعات.
وأفاد بضرورة إدراك هيئة تنظيم الاتصالات حاجة ذوي الإعاقة البصرية إلى وسائل الاتصال المختلفة من خلال دعم البرامج القارئة لشاشة الهواتف الجوالة وتسهيل حصول ذوي الإعاقة البصرية عليها وإلزام شركات الاتصال بإرسال الفواتير إلكترونيا أو بطريقة برايل أو توفير طريقة مناسبة أخرى تمكنه من معرفة تفاصيل فاتورته دون عناء، عدا عن تسهيل حصولهم على خدمات الهاتف والإنترنت بأسعار مناسبة.
كما طالب بالاستعانة بخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال بخلق بيئة صديقة للجميع دون تمييز، وتأهيل ذوي الإعاقة نفسيا ومهنيا للاندماج في المجتمع، وتأهيل العاملين في مختلف المؤسسات للتعامل مع كل فئات المجتمع والاستفادة من طاقاتها في رفع مستوى تلك الخدمات.
وبالعودة إلى المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية، فقد بين أن مهمة الوزارة تتمثل في إيصال احتياجات المعوقين للجهات المعنية، ومن المفترض أن تقوم القطاعات بتوفيرها كل فيما يخصه، مضيفا: «ليس من حق وزارة الشؤون الاجتماعية تهيئة الطرقات والمرافق».
ولكنه استدرك قائلا: «تسعى الوزارة إلى إيصال المتطلبات، وفقا للأمر الملكي الصادر منذ نحو 30 عاما، والذي ينص على تنفيذ كافة الجهات لقرار تهيئة المرافق العامة لذوي الإعاقات»، موضحا أن وزارة الشؤون الاجتماعية ليست جهة رقابية، بحسب قوله. واستطرد في القول: «تقدم الوزارة كافة احتياجات ذوي الإعاقة البصرية بحسب اختصاصها، والمتضمنة الإعانات المالية والعينية وجميع الوسائل المعينة لهم، إلا أن الجوانب الأخرى من مستلزمات تعليمية وتهيئة للمرافق لا تدخل ضمن اختصاصها».
من جهتها، حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع الدكتور توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، غير أنه أفاد بوجوده خارج السعودية، في حين كررت اتصالاتها بالدكتور بكر مير، مدير عام فرع الوزارة في منطقة مكة المكرمة، والذي بدوره أغلق هاتفه الجوال بعد تلقيه رسالة نصية تفيد بضرورة التواصل معه للإجابة عن استفسارات الصحيفة.[/B]