قالت استاذ علم النفس الاكلينيكي في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة عياد ان هناك فئة كبيرة جدا تعاني فقدان التواصل مع الآخرين او صعوبة التواصل معهم، فلا يستطيعون التعبير بالكلمة أو بالحركة أو بالرمز عما يجول في دواخلهم، وكذلك لا يقدرون على استيعاب او فهم او سماع ما يعبر به الاخرون، واضافت د.عياد ان ارتباط التواصل ينقسم الى اربعة انواع هي الحذف والاضافة والابدال والتحريف، وايضا هناك ارتباط التعبير ويشمل التعبير الحسي والحركي وكذلك هناك ارتباط الايقاع ويقصد به اللجلجة أو باللهجة الشعبية «التأتأة»، اما ارتباط الصوت فيقصد به «الخنف» وهو ارتباط لا خوف منه حتى سن السابعة.
واضافت: كثير من الارتباطات تكون مصاحبة للطفل خصوصا ارتباط النطق و«اللجلجة» في سن السابعة أو أقل، اما اذا تجاوز الطفل هذا العمر وظلت المشكلة موجودة فهنا نكون امام مشكلة حقيقية وهي ارتباط الايقاع لان الطفل في هذه الحالة اما ان يكون عنده احتباس في الكلمة ويصاحب هذا الكز بالاسنان او يغمض عيناه ويضرب في الارض ثم ينطلق ويقول الكلام باندفاع واحيانا يكرر الطفل الحرف او يمد الكلام.
وارتباط الايقاع ثبت ان %95 منه نفسي و%5 لاسباب بيولوجية سواء كانت اصابة في الجهاز العصبي او اسباب وراثية او يكون الطفل وقع على رأسه أو مثل اصيب بالتهاب في منطقة معينة.
وفاة عزيز!
واكملت د.فاطمة عياد: في الغالب تختفي اللجلجة عند الكبر مثلها مثل المشي اثناء النوم او الكوابيس او التبول اللاإرادي او الصراعات الصغرى، ولابد ان نتأكد من ان اسباب اللجلجة لا علاقة لها بجهاز النطق والسمع واللسان والحنجرة وان الاحبال الصوتية سليمة، وفي هذه الحالة لابد ان نرجع للاسباب النفسية.
واضافت: الاسباب النفسية كثيرة قد تعود الى انفصال الوالدين او الانتقال من مرحلة دراسية الى اخرى وفي هذا الوضع يكون تغيير الناس أو البيئة هو السبب.
ايضا من الاشياء التي قد تسبب اللجلجة عند الطفل وفاة الوالدين او احدهما او وفاة الجد او الجدة أو أي احد مقرب كان موجوداً في البيت.
وزادت: من اسباب اللجلجة عند الاطفال التربية السيئة التي تعتمد على التخويف سواء من جانب المدرسين او احد الوالدين او الاهل، فمثلا عندما يستهزئ المدرس بالطالب الذي يعاقب أو يضرب أو يوبخ امام الآخرين تحدث المشكلة، ايضا فان الاهل احيانا يعاقبون الاطفال بشكل غير صحيح، وهناك من يترك الاطفال في البيت اثناء السفر كنوع من العقاب لهم او يضربونهم او يدخلون الطفل في غرفة مظلمة عندما يذنب وهذه كلها اشياء ممكن ان تؤدي الى اللجلجة.
غيرة الأطفال
واردفت: ايضا ولادة طفل جديد في الاسرة فان الاهل ينشغلون عن الطفل الكبير الذي يشعر بهجران عاطفي فيسعى الى جذب الانتباه بأي طريقة ولو عن طريق التمارض واللعثمة.
وهناك اطفال يعانون التأتأة ومن سخرية الآخرين منهم وعدم اللعب معهم، فينعزلون ويفضلون الوحدة ويكرهون المدرسة وبالطبع يتدنى مستواهم الدراسي لانهم يتألمون.
واضافت د.فاطمة عياد: نحن لا نقصد بالنمو اللغوي الكلام فقط لان اللغة عبارة عن اساليب التواصل سواء بالاشارة او بالرمز او بلغة الجسد أو بالكلمات المنطوقة، فالعلم انتقل من جيل الى آخر عن طريق اللغة، ونحن نتوقع من الطفل ان يتكلم كلمة في سن السنة ثم جملة في عمر السنتين ثم كلام له معنى فيما بعد، وهذا هو المعيار وعندما يكون الطفل عمره 3 سنوات ولا يتكلم ولا كلمة هنا لابد ان نبدأ في البحث عن الاسباب، وهذه مشكلة في كل المجتمعات وليس في الكويت فقط وبشكل عام فان الاحصائيات الموجودة كثير منها مبالغ فيها لانهم لم ينتظروا لسن السابعة وهذا هو السن الحقيقي لاكتشاف المشكلة واسبابها عند الطفل.
وزادت: الآن في المدارس أي مُدرسة عندها طفل «يلجلج» في النطق تظن ان عنده مشكلة ويبعث هذا الطفل لمدرسة خاصة وللاسف لا يوجد العطاء من المدرسين لان اللجلجة عند الاطفال لا تعد نوعا من الاعاقات فهناك طلاب صامتون دائما أو يتلعثمون لكنهم في منتهى الذكاء.
واكملت: في الكويت هناك متخصصون في مجال تخاطب الاطفال مثل المعالج النفسي ونحن في مركز التدخل المبكر للمعاقين عندنا معالجة للمحادثة عند الاطفال الذين يعانون من لجلجة والجميع يلمس النجاح الكبير للعلاج في المركز، فنحن نقدم للاطفال رعاية كبيرة ولا يوجد احصائيات دقيقة عن انتشار ارتباط التواصل أو اللجلجة في مدارس الكويت بشكل عام.
وبصفة عامة لابد ان يندمج الطفل مع البيئة والطلبة وهذا يؤثر في الطفل تأثيرا علميا ونفسيا واكاديميا واللجلجة لا تعني تخلفا عقليا.
اخصائيو النطق
وزادت: المدرسون الذين تخرجوا في كلية التربية لديهم فهم جيد لكيفية التعامل مع الطفل الذي يتلعثم وهناك اخصائيون في النطق في وزارة التربية ولكن للاسف احيانا الاهل لا يتابعون معم حالة الطفل.
وواصلت د.فاطمة عياد حديثها: اللجلجة عند الكبار قد تكون بسبب جلطة في المخ او صدمة نفسية قوية جدا.
والدولة لابد ان يكون لها دور اكبر واكثر فاعلية في التوعية سواء توعية الاهل او المدرسين وفي الوقت نفسه توفير الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين في مجال النطق، وعلينا ان نحدد هل مشكلة اللجلجة نفسية أم اجتماعية أم بيئية فلو كانت فسيولوجية فلن تحل بسهولة، فالفسيولوجي احيانا كثيرة لا يكون له علاج ودورنا ان نهدئ الطفل ثم وقف السخرية منه وتخويفه، وان ننتبه الى ان الطفل المتلعثم احيانا يكون ذكيا وفي رأسه العديد من الافكار ولكن لا يوجد من يسمعه وعلينا ان نسمعه بطرق صحية وسليمة مع الاسترخاء والمعاملة الجيدة وعدم تهديد الطفل، وقد تكون اللجلجة سببها موقف معين او ظرف معين وهي لا تعني تخلفا عقليا وولا علاقة لها بنسبة الذكاء عند الطفل ولكن احيانا تؤثر في الحالة النفسية وتدفع الطفل الى العزلة والابتعاد عن الدراسة وممكن يودي هذا الى التأخر الدراسي.
لا.. للأعشاب!
وختتمت د.فاطمة عياد: مشكلة اللجلجة تتطلب علاجا نفسيا بالاحرى عبر جلسات الاسترخاء والمتابعة مع اخصائي نفسي أو متخصص في المحادثة فقط ولا تحل بالعقاقير او بالاعشاب كما يدعي البعض.