لا شك في أن شبكات التواصل الاجتماعي نجحت في تعزيز التقارب وتحقيق الدمج المجتمعي، الذي تنادي به مؤسسات وجمعيات النفع العام المعنية بذوي الإعاقة، من خلال التواصل والاحتكاك مع العالم الخارجي من دون أي حواجز.
هذا ما أكده بعض الخبراء ونشطاء هذه المواقع، لافتين إلى أهميتها في انسجام مستخدميها من ذوي الإعاقة مع الآخرين، كما انها تلعب دوراً في طرح همومهم ومشاكلهم التي عجزوا عن توصيلها للمسؤولين المعنيين، فضلاً عن أهميتها في تبادل الخبرات والاطلاع على أحدث المستجدات والتطورات على مختلف الأصعدة.
التقينا ببعض مستخدمي هذه المواقع للاطلاع على واقعهم التكنولوجي واستعراض أبرز إنجازاتهم في فضاء شبكات التواصل وكانت آراؤهم التالي:
أحلام المرزوقي (من ذوي الإعاقة الحركية) واحدة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وموظفة في إحدى الجهات، حيث تواجه صعوبات جمة في وزارات الدولة، لكونها معاقة، ولم تجد من يسمعها سوى هذه المواقع لعرض مشاكلها اليومية وإنجازات وإبداعات ذوي الإعاقة، فطرقت أبواب شبكات التواصل الاجتماعي لتنقل هموم وشجون حال أقرانها من ذوي الإعاقة وطرح مشاكلهم التي لم تجد من يسمعها، ويحتضن مطالبهم، فاتجهت إلى تأسيس مدونة بالتعاون مع بعض ذوي الإعاقة «كويتيون قول وفعل»، لنشر رسالتها عن هذه الفئة التي ترنو إلى توصيل صوتها الى المسؤولين وتترقب أفعالاً واقعية لا أقوالاً خيالية.
استغلال
وانتقدت المرزوقي تصرُّف بعض المسؤولين والمجاميع التطوعية التي تستغل قضايا هذه الفئة للمتاجرة بها والصعود من ورائها فضلاً عن تحقيق الشهرة من دون السعي الى تفعيل رسالتهم على أرض الواقع، معتبرة أن مواقع وشبكات التواصل لها دور كبير في حياة ذوي الإعاقة بغض النظر عن الفروق التعليمية والاجتماعية والقدرات الجسدية والنفسية والعقلية، حيث إنها وسيلة للتقارب المجتمعي وللتعبير عن المشاعر وإشباع الاحتياجات وتعزيز الثقة بالنفس، فضلاً عن تحقيق التقدير الذاتي.
وأبدت المرزوقي أسفها من نظرة المجتمع النمطية تجاههم، القائمة على الشفقة والعطف من خلال التعبيرات والمصطلحات التي تُستخدم في هذه المواقع، للمشاركة في آرائهم وقضاياهم، الأمر الذي يترك جرحاً وألماً كبيرين في نفوس هذه الشريحة، التي لا تختلف عن غيرها في شيء.
مدونة
وبالحديث عن مدونتها «كويتيون قول وفعل»، أشارت المرزوقي إلى الإقبال الواسع المتنامي الذي حققته هذه المدونة، فضلاً عن نمو أعداد المتابعين الذين تجاوزوا 4000 متابع من مختلف الفئات العمرية والإعاقات والأسوياء، مبديةً سعادتها وفخرها للتواصل مع العالم الخارجي وتبادل الخبرات والهموم المشتركة.
استفادة
وقال الخبير الإلكتروني شهاب النجار إنه يمكن الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي بالنسبة الى ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال التنسيق مع أحد مراكز التدريب الخاصة بهم، واختيار الموهوبين منهم في مجال معين، بعد ذلك يتم تدريبهم وتوفير فرص عمل لهم يتناسب مع قدراتهم، فضلاً عن مطالبة الجهات الحكومية بإتاحة فرص للعمل لهم على غرار بعض الدول الخليجية مثل الإمارات..
وأضاف النجار «يمكن الاستفادة من قدرات هذه الفئة وتنميتها وتطويرها في مجال التواصل الاجتماعي، من خلال عرض قدراتهم المختلفة عبر تلك المواقع والاعلان عن مواهبهم التي يتحدون بها الإعاقة، لتكون لهم عونا في تجاوز إعاقتهم ولو قليلا»، مشدداً على ضرورة توفير موسوعة إلكترونية خاصة بهم، لتكون موسوعة ناطقة (صوتية) ومكتوبة بلغة برايل، وفي هذه الحالة يمكن إنشاء موقع الكتروني متصل بلوحة مفاتيح لغة برايل ليساعد المكفوفين.
وتابع النجار «من الضروري تحويل كل المواقع الحكومية والخدمات منها لخدمة ذوي الاحتياجات، لا سيما فئة المكفوفين، وذلك من خلال زر التحدث عندما يقوم بالنقر على أحد الأزرار».
حساب موحد
طالب المدرب المحترف للتنمية البشرية مساعد الوقيان بتخصيص حساب موحد لجميع ذوي الإعاقة في كل شبكات التواصل الاجتماعي لإبراز مواهبهم وتسهيل الوصول إليهم.
مساعد الوقيان:
مواقع التواصل سلاح ذو حدين .. والرقابة على المراهقين مطلوبة
اعتبر المدرب المحترف في التنمية البشرية وهو اسشاري معتمد متخصص في شؤون الاسرة وتربية الأبناء مساعد الوقيان «أن استخدام مواقع التواصل الإجتماعي سلاح ذو حدين، متصل بتحديد الفئة المستخدمة والعمرالزمني والعقلي للمراهقين من ذوي الإعاقة»، لافتاً إلى خطورتها وتأثيرها السلبي في المراهقين من ذوي الإعاقة، الأمر الذي يستدعي ضرورة الرقابة والسيطرة على طريقة استخدامهم لهذه المواقع، في حين انها فرصة جيدة وإيجابية لمستخدميها من ذوي الإعاقة، ممن هم بلغوا مرحلة النضوج وتجاوزوا المراهقة لما لها من دور في تواصلهم مع العالم الخارجي ودمجهم تلقائياً.
وتابع بالقول «وهذا ما ننادي به كتربويين واستشاريين بأهمية دمج ذوي الإعاقة، ومنحهم الفرصة للتعايش مع الواقع، وتقبل الإعاقة ليكونوا عناصر منتجة وفعَالة»، لافتاً إلى سوء استخدام ذوي الإعاقة الذهنية لمواقع التواصل الإجتماعي، فضلاً عن تداول اللقطات الخاصة بهذه الفئة التي ساهمت بدرجة كبيرة في الإساءة لهم من خلال نشر مقاطع صوتية أو فيديو «خاصة لهم»، فيتم تداولها بين العامة لإثارة السخرية وعدم تقدير هذه الشريحة.
وفي هذا السياق، طالب الوقيان أولياء أمور ذوي الإعاقة بمراقبة حسابات أبنائهم ممن يستخدمون شبكات التواصل ومتابعتهم بصفة دورية، حتى لا يكونوا عرضة وفريسة للآخرين، مشيراً إلى سوء استغلال سذاجة الظروف الصحية للمعاق من قبل ضعاف النفوس بطريقة غير مشروعة، الأمر الذي يجعلهم عُرضة لتجار المخدرات ولمروجي الأفكار، كما طالب الجهات المعنية بضرورة متابعة ذوي الإعاقة وحمايتهم من ضعاف النفوس.
وفيما اعتبر الوقيان أن وسائل التواصل فرصة جيدة إذا تم استغلالها بما يناسب احتياجات وقدرات هذه الفئة، إلى جانب أهميتها في طرح قضايا ذوي الإعاقة وتوصيل اصواتهم وإبراز مواهبهم، فضَل أن يكون التفاعل والإحتكاك بهذه الفئة وجها لوجه بدلاً من الاعتماد على مواقع التواصل تجنباً من العزلة و الإنطواء عن الناس.
هنادي العماني:
الهواتف الذكية عيني على الحياة
لم يقتصر التفاعل مع مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي على الأسوياء والمبصرين، فكم من كفيف أبصر على العالم الخارجي من خلال هذه الوسائل الاجتماعية، لتكون نافذته التي يرى بها الفضاء المحيط به ولعل تجربة هنادي العماني وهي أول عربية كفيفة حاصلة على دورات تدريبية عالمية في مجال الحاسوب من بريطانيا ولندن، إلى أن تأهلت لمنصب مدرب دولي للحاسوب، خير برهان على اختراق وتفاعل ذوي الإعاقة مع عالم التكنولوجيا والتقنية المتطور.
وأكدت هنادي أهمية شبكات التواصل في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة للاطلاع على الأخبار المحلية والعالمية عبر الصحف الإلكترونية بسهولة ويسر ومواكبة أحدث التطورات والمستجدات، بالإضافة إلى الخروج عن العزلة والانطوائية، حيث الدمج المجتمعي والثقافي وكسر الشعور بالملل والروتين والرتابة من خلال استثمار أوقات الفراغ بطريقة إيجابية.
وتحدثت العماني عن طريقة تواصلها مع العالم الخارجي، من خلال البرامج الناطقة المتاحة في الهواتف الذكية و«اللابتوب» إلى جانب أجهزة برايل التي تتوافر فيها تطبيقات مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، لافتة إلى حرصها على تنوع تغريداتها في تويتر من دون تخصيصها على مواضيع ذوي الإعاقة فحسب.
واستعرضت هنادي مواهبهم التقنية في عالم الحاسوب، حيث صممت موقعاً (وهو الآن تحت الصيانة والتجديد) يتحدث عن المكفوفين وكيفية التعامل معهم وبرامجهم التي يستخدمونها والمواقع التي يترددون عليها، لافتة إلى الدورات التدريبية (أون لاين) والتي منحتها لبعض مراسليها حول برامج المكفوفين، إلى جانب تجاربها المستفادة من خبرات الآخرين.
فواز الحصبان:
الخجل من الإعاقة وراء الأسماء المستعارة
كشف الناشط في مجال حقوق ذوي الإعاقـة فواز الحصبان عن وجود نوع من الخجل الإجتماعي من الإعاقة لدى بعض مستخدمي ومتابعي مواقع التواصل الإجتماعي سواء من أبناء هذه الشريحة أو أولياء أمورهم، حيث يلجأون للظهور بصورة خفيـة لـلتـعـرف عــن حـقــوقهم وانتقاد الأوضاع العامة من خلف أسماء مستعارة، معتبراً أن شبكات التواصل الإجتماعي فضاء مفتـوح ألغى كل الحواجز، فلا يوجد مجال لتكـميـم الأفواه والحظر على الحريات على حد قوله.
وأبدى الحصبان أسفه من محدودية اهتمامات ذوي الإعاقة ومتابعاتهم في فضاء ضيق لا يتابع ولا يواكب كل المستجدات، في حين أن ثمة مواقع عالمية حريصة على التطرق إلى كل المستجدات والتطورات في ما يتعلق بهذه الشريحة، ملاحظاً تركيز محيط الاستخدام لهذا الواقع في الحديث، والمطالبة بالإمتيازات المالية وليس على التطور والتقدم رغم وجود حقوق أخرى.
وزاد الحصبان بالقول: لا نجدهم يتحدثون عن الحملات المناصرة لقضاياهم أو دمجهم في سوق العمل وتأهيلهم وتطوير التعليم.
غصة
اشتكى بعض ذوي الاحتياجات الخاصة وأولياء أمورهم من عدم توفير الأجهزة التقنية الحديثة في مدارس التربية الخاصة وغيرها من الجهات التي يتعامل معها المعاقون، مؤكدين أن الوقت قد حان لتذليل العقبات ومساعدتهم في شتى جوانب الحياة.
[IMG]http://im61.gulfup.com/kIlmQl.jpg[/IMG]
هنادي العماني
[IMG]http://im61.gulfup.com/8j037V.jpg[/IMG]
شهاب النجار
[IMG]http://im61.gulfup.com/vEG5A1.jpg[/IMG]
فواز الحصبان
[IMG]http://im61.gulfup.com/wNeCoz.jpg[/IMG]
مساعد الوقيان