شاءت الأقدار أن يولد الشاب عبد الرحيم الخشان (24 عامًا) من القرارة جنوب قطاع غزة من دون ذراعين، إلا أنه تأقلم على حياته وتديبر شؤونه بنفسه مستعينًا بقدمه عوضا عن ذراعيه.
عاش الخشان أيامًا صعبة كثيرة، فمنذ ولادته حتى بداية بلوغه كان يعتمد على مساعدة أهله في طعامه وشرابه وتلبية أى رغبة خاصة به، وفي أبسط الأمور نظرًا لفقدان يديه.
ويعود السبب الرئيس في إعاقة الخشان حسب تحليلات الأطباء بعد ولادته، لاستنشاق والدته الغاز المسيل للدموع الذي الذي تعرضت له في أحداث الانتفاضة الأولى، ما أدى لوقف النمو لدى الجنين وولادته دون ذراعين.
الخشان تأقلم بصعوبة في بداية التحاقه بمدرسة الذكور في منطقته لعدم توزانه في المشي، وفي ذلك يقول: درست في مدارس الحكومة مع الأصحاء، وكانت بداية صعبة جدا، وكنت أفقد توازني في الطريق واقع مرات عدة على الأرض، ومع وصولي المرحلة الإعدادية بدأت أتحكم بتوازني.
ويدرس الخشان التربية الإسلامية في جامعة الأقصى، وهو حاليًا في فصل التخرج، ولم يتمم الفصل الأخير نظرًا لعدم توفر الإمكانيات المالية لديه في تغطية مصاريف الجامعة وتكلفة السفر يوميا من غزة لـ خانيونس، حسب توضيحه.
ولحظة وصولنا للقاء الشاب الخشان، كان يضع هاتفه الخلوي على أذنه ويسنده بكتفه، واستقبلنا في الاتحاد العام للمعاقين في خانيونس، وهو المكان الأنسب الذي يتواجد فيه لمحاولة الحصول على فرصة عمل خلال تواجده في الاتحاد، وجلس على مكتب أدارى يعود للمسؤولين وتصفح أمامنا أخبار المعاقين عبر جهاز الكمبيوتر وتحكم بالماوس والكيبورد وكتب على لوحة المفاتيح بأصابع قدمه.
وعرض الخشان لوحة كان رسمها لعلم فلسطين وهو يرفرف على قطعة من الرخام لم تكتمل نظرا لعدم تواجد ألوان للرسم، وقام بحمل اللوحة بأصابع قدمه لعرضها للكاميرا.
ويقوم الخشان بكافة الأعمال حاليا بقدمه وبمساعدة كتفه في بعض الأوقات، فهو يكتب ويرسم ويأكل ويشرب ويزرع ويتوضأ بقدمه.
ومن باب الحرص على وجود شخص يهتم بالخشان داخل أسرته ويعمل على تلبيه طلباته ويقوم على مساعدته في كافة الأمور التي يحتاجها، تزوج وأنجب طفلا وينتظر الآن طفله الثاني.
ولكن المسؤولية تزداد بعد اتساع عدد الأسرة وإنجاب الأطفال.
يقول الخشان: أتلقى مساعدة من الشؤون الاجتماعية من وكالة الغوث كل ثلاثة شهور، وهذا لا يكفي، فأضطر للذهاب إلى العمل مع أقاربى في مجالات عدة، من أجل تلبية طلبات بيتي.
يتابع الحديث: أعمل الآن في توزيع المياه المعدنية مع صديقي، فأقوم بتشغيل الماتور لضخ المياه بقدمي وأساعده في توصيل خرطوم المياه وأقوم بإعادة ترتيبه في سيارة التوزيع.
ويأمل الخشان في إنهاء دراسته الجامعية و الحصول على وظيفة تساعده على حياة كريمة له ولأسرته تغنيه عن سؤال الناس والبحث عن العمل، مضيفًا “توجهت لشخصيات قيادية ومسؤولة في المجتمع وطلبت منهم تمويل لمشروع خاص لي تكلفته 7000 آلاف دينار أردني من أجل تنفيذه وإنجاحه ومساعدتي في نجاح حياتي، ولم يساعدني أحد”.
واستغرب الخشان من “عدم اهتمام الجهات المسؤولة بفئة المعاقين وعدم متابعة ملفهم والعمل على مشاريع تخصهم وتؤمن لهم حياتهم في ظل هذه الظروف الصعبة”.
وناشد المسؤولين والحكومة من أجل “النظر بعين الرأفة لهم، والاستماع لمطالبهم وتنفيذ مشاريع خاصة لهم ولأبنائهم لسد النقص والعجز الذي مروا به في حياتهم”.