«الإعاقة لا تلغي الطاقة»، مقولة يؤمن بها الكثيرون من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتكئون عليها للتغلب على إعاقتهم، ومواجهة تحدياتها، للاندماج في المجتمع، والعيش بهناء، ومسابقة خطوات الأسوياء نحو تحقيق الأهداف، وتسجيل الإنجازات.
محمد مبارك أحد هؤلاء «المؤمنين» الذين لم تنل الإعاقة من عقيدتهم، ولا معنوياتهم، ولا قدراتهم العقلية شيئاً، فلاقى إعاقته البصرية بالصبر، والرضا، وانتصر عليها، واستطاع بالقول والفعل أن يثبت حقيقة أن «الإعاقة لا تلغي الطاقة»، بعد أن تمكن من شق طريقه الدراسي، والوصول إلى مقاعد الجامعة، ليبصر حلمه الذي طالما اهتدى بنوره، وليضيء طريق حاضره ومستقبله.
ولد مبارك فاقداً للبصر، ومصاباً بهشاشة في العظام، ولم يكتب له التعافي من هاتين الإعاقتين اللتين «برمج» نفسه لتقبلهما والتعايش معهما، من دون أن تكونا عائقين في طريقه الذي أنار جنباته باحتسابه وصبره، وإصراره على ألا يستسلم للقدر، وأن يواصل مسيره نحو الوصول إلى هدفه، وهو ما تحقق له، بعد أن أكمل مسيرته التعليمية، وتخرج في الثانوية بمعدل 94%، وحاز المركز الأول على جميع ذوي الاحتياجات الخاصة في منطقة عجمان التعليمية، وتمكن بكل جدارة أن يلتحق بكلية الإعلام في جامعة عجمان لدراسة تخصص الإذاعة والتلفزيون الذي طالما حلم بها منذ صغره.
الجامعة
«طريقي إلى الجامعة لم تكن سهلة ولا قصيرة»، يقول مبارك الذي كان يعتمد في دراسته على بعض الكتب المطبوعة بنظام «برايل»، ثم على والديه وإخوانه لمطالعة البقية الأخرى غير المتوافرة بهذا النظام، لكنه يواجه صعوبات الآن وهو على مقاعد الجامعة التي لا تتوافر فيها كتب للمكفوفين، وهو الأمر الذي يجعله يعتمد على حاسة سمعه، وذاكرته، وأفراد أسرته للمذاكرة والمراجعة.
العمل
لدى «طالب الإعلام» أحلام كثيرة، حشد طاقاته ومهاراته لها، ليس أقلها التخرج في كلية الإعلام بتقييم عالٍ، والالتحاق بإحدى وسائل الإعلام المرئية، للعمل بها بوظيفة معدّ ومقدم برامج فيها، وأن يصبح نجماً في برنامجه، وأن يتمكن من جذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين لمتابعته، والقضايا التي سوف يطرحها.
رسالته لذوي الاحتياجات
ولأنه صبر، فأينع حلمه وأثمر حقيقةً وطموحاً، يوجه مبارك رسالة إلى زملائه وأقرانه من ذوي الاحتياجات الخاصة، يدعوهم فيها إلى الصبر على البلاء، وعدم الجزع أو الاستسلام للإعاقة مهما كان نوعها، أو كانت درجتها، عطفاً على توصيتهم بضرورة مواجهة تحديات إعاقاتهم، وعدم الاستسلام لها، واستثمار أدوات النجاح الأخرى التي يتقدمها العقل، والطموح، وقوة الإرادة.
وذيّل رسالته لهم بالقول: «قد يصاب الجسد بإعاقة بصرية، أو حركية، أو سمعية، لكنه يبقى حياً، حيوياً بعقل وطموح وإرادة صاحبه، وقدرته على التكيف مع تلك الإعاقة، ومدى إصراره على الصمود والتحدي، ومواصلة الحياة بكل تفاصيلها، لا سيما الدراسة الجامعية والوظيفة المهنية».
كما يدين بالفضل بعد الله سبحانه وتعالى إلى والديه، وإخوانه، وأصدقائه، ومعلميه الذين ساندوه طوال حياته، ومراحله الدراسية، حتى وصل إلى مقاعد الجامعة، آملاً من الله العلي القدير أن يعينه على شكره، ورد الجميل إلى أهله.