بالأيدي الكويتية البيضاء وضعت مجدداً قضايا الانسان على طاولة العالم بحثاً وتركيزاً، وتأكيداً على الريادة الكويتية في مجال دعم حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، عرضت الكويت سجلها في رعاية هذه الفئة رسمياً وأهلياً، وذلك في مبادرة رعاها سمو الأمير لدعم حقوق ذوي الإعاقة في مجال التعليم، من خلال المؤتمر العالمي الثاني حول «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خدمة ذوي الإعاقات وصعوبات التعلم» الذي افتتح أمس ويستمر ثلاثة أيام.
فقد أكد وزير التربية والتعليم العالي احمد المليفي، في كلمته ممثلا لسمو الأمير بافتتاح المؤتمر، «التزام الكويت بمقتضيات الرعاية والمساواة والاهتمام بمن منعته ظروفه الخاصة من توفير احتياجاته الطبيعية»، مبينا أن ذلك انعكس من خلال ارتفاع عدد المؤسسات المعنية برعاية وتعليم ذوي الاعاقات وصعوبات التعلم الى اكثر من 80 مؤسسة تتنوع بين مراكز وهيئات وأكاديميات وجمعيات وأندية ودور رعاية صحية ومدارس.
وقال المليفي، إن الكويت لم تدخر جهدا في رعاية ذوي الإعاقة استناداً الى نصوص الدستور التي تكفل «المساواة بين افراد المجتمع في الحقوق والواجبات» كما جاء في نص المادة 29.
واشار الى «وصول عدد المعاقين في الدول العربية لنحو 40 مليونا من إجمالي 300 مليون مواطن» كما ان «نسبة من يعانون من صعوبات التعلم باتت تشكل 5 في المئة من الطلبة في التعليم العام، وهو ما يشكل تحديا كبيراً لمجتمعاتنا الإنسانية ويتطلب نشاطاً بحثياً اكثر كثافة». مبينا أن الحكومة «حرصت على توفير اسباب الرعاية الاجتماعية وكفالة حق التعليم لممارسة الحياة الطبيعية لأبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة عن طريق دعم المؤسسات الحكومية والاهلية». وذكر وزير التربية أن الدولة سعت الى توحيد الجهود المبذولة في شؤون رعاية المعاقين وأصدرت القانون رقم 49 /1996 بشأن رعاية المعاقين وقامت بإنشاء هيئة مستقلة تسمى المجلس الأعلى لشؤون المعاقين، ثم استبدلت بها الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة بموجب القانون رقم 8/ 2010 وجعلتها تحت إشراف النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، مستطردا «وهي بإصدارها لهذا القانون تكون من أوائل الدول العربية التي سنت قانوناً للمعاقين وهو يعزز فرص حصولهم على حقوقهم ويساند أولياء أمورهم» كما قامت الهيئة العامة للأوقاف بإنشاء الصندوق الوقفي للاحتياجات الخاصة ليقوم بخدمة المشروعات التي تهدف لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة سواء كانت هذه المشروعات مقدمة من الحكومة او من جمعيات النفع العام ومن جهة اخرى، وافقت الحكومة على الانضمام الى اتفاقية دولية لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة بموجب القانون رقم 35 /2013، وقد أدى هذا الاهتمام لان تكون الكويت ملتقى لتجمع الاسرة الدولية في عدد من المؤتمرات التي أتت بكفالة حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ورعايتهم وسوف تواصل الدولة التزامها بتوفير أسباب الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشار المليفي الى ان «المؤتمر العالمي الثاني لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خدمة ذوي الإعاقات يضم نخبة من المتخصصين الذين نقدر جهدهم وعطائهم الفكري وكانت توجهات سمو الأمير ببذل كل الجهود لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة واستخدام التكنولوجيا في البرامج التربوية والتأهيلية والتعليمية ودعم البحث العلمي الموجه نحو حل مشكلاتهم وتأتي رعاية سموه، للمؤتمر الاول المنعقد قبل عامين ولهذا المؤتمر الثاني تأكيداً على اهتمام سموه بدعم ورعاية كافة المبادرات والأنشطة العلمية التي تسمو لإيجاد مستقبل اكثر اشراقاً واملاً لهذه الفئة الغالية، وتشكل حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة واحدة من اهم المسائل التي توليها الدول الحضارية اهتمامها، خصوصاً مع تزايد أعداد هذه الفئة في العالم بشكل ملحوظ خاصةً في الآونة الاخيرة من عصرنا الحديث نتيجة لتغيرات الحياة الديموغرافية حتى وصول نسبتهم الى 15 بالمئة من مجموع سكان العالم».
من جانبه، قال مدير المركز الإقليمي لتطوير البرمجيات التعليمية الدكتور نادر معرفي في كلمته بالافتتاح ان رعاية سمو الأمير لهذا المؤتمر تعكس اهتمام سموه بأبنائه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتؤكد حرص الكويت على الاستفادة من التكنولوجيا المتطورة في مواجهة تحديات ذوي الإعاقة ورفع مستوى قدراتهم، وأن هذا الاهتمام كله يحمل أبعاداً إنسانية نبيلة ونظرة تنموية بعيدة المدى.
وأضاف «أن تكنولوجيا التعليم تعتبر من المداخل المنطقية لتصميم التعليم ومواجهة مشكلاته، ومع التطور العصري أصبحت الوسائل التعليمية من اهم أدوات التدريس، وإذا كانت الوسائل التكنولوجية من الأدوات الرئيسية في تعليم الأشخاص الطبيعيين، فإنها يجب ان تكون في مقدمة الوسائل المستخدمة في تعليم الأشخاص من ذوي الإعاقة للتكيف مع الظروف المحيطة بهم ومعالجة الفروق الفردية، كما أنها تحسن من عملية تواصلهم الاجتماعي وترفع من مقدرتهم على استيعاب وتطبيق مهارات الحياة اليومية». وذكر معرفي أنه «من أجل ذلك جاء اهتمام المركز الإقليمي لتطوير البرمجيات التعليمية الخاصة بذوي الإعاقة، فأصدر الكتاب الإلكتروني لفئة صعوبات التعلم وصمم برمجيات رياض الأطفال لفئة الصم ووضع الأبحاث العلمية في مجالات الإعاقات وصعوبات التعلم ضمن نشاطه البحثي».
ولفت إلى أن المركز تمكن اخيراً من تنفيذ مشروع مهم ببناء شبكة عربية متكاملة للمؤسسات المعنية بذوي الإعاقات وصعوبات التعلم في الوطن العربي، تحت اسم «شعاع» وتضم هذه الشبكة الإلكترونية ما يقارب من 1500 جهة، وذلك بدعم مشكور من البنك الإسلامي للتنمية ونتشرف اليوم بتدشين باكورة الإنتاج الذي هو الكتاب الإلكتروني الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة».
وختم معرفي بالتأكيد على أن الجلسات التي تأتي تنفيذاً لتوصيات المؤتمر الاول الذي عقد قبل عامين وتشرف أيضاً برعاية سمو الأمير وتضم فاعليات هذا المؤتمر 5 محاور، تشمل 5 جلسات علمية على مدار 3 أيام ويقدم خلالها 18 ورقة علمية لخبراء وباحثين ومتخصصين من 133 دولة، كما يقام على هامش أعماله جلسة مفتوحة تهدف للاستفادة من التجارب العلمية للجهات المعنية في الدول العربية لتطوير نظم تعليم وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة.
لا حديث عن الاستقالة
رفض الوزير احمد المليفي التعليق على مجريات استقالته التي يثار الحديث عنها، واكتفى بالرد على سؤال وجهته اليه «الراي» على هامش المؤتمر بأنه «لن أتحدث اليوم إلا بخصوص المؤتمر».