ما إن يوشك قطار الدراسة على الوصول إلى محطته الأخيرة، وتقترب العطلة الصيفية، حتى تبدأ مأساة المعاقين وذويهم في رحلة البحث عن البرامج التدريبية والنوادي الصيفية، التي يمكن أن تستقبلهم وتنمي قدراتهم وتحتضن مواهبهم وإبداعاتهم الفنية والثقافية، ليتمكنوا من الاندماج مع المجتمع الذي ينتمون إليه.
وتعد المراكز الصيفية من أفضل الوجهات الترفيهية والتعليمية لانخراط هذه الشريحة في البيئة الاجتماعية، والتعريف بهم وباحتياجاتهم.
التقينا عدداً من ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم، لاستطلاع آرائهم حول هذا الأمر، حيث استعرض كل منهم خططه الصيفية، وأبرز المعوقات التي تقف حائلا من دون تحقيقها، حيث أجمعوا على ضرورة تكثيف جهود جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الإعاقة، من خلال زيادة البرامج التدريبية الهادفة التي تناسب ظروفهم، مطالبين بتنظيم حملات توعوية للتعريف بعالمهم، وتسليط الضوء على حقوقهم وإبداعاتهم المتميزة، التي لا تختلف عن إبداعات أقرانهم من الأسوياء.
يؤكد فهد الدبي، وهو من ذوي الإعاقة الحركية، ضرورة وضع خطة كاملة لذوي الاحتياجات الخاصة حول كيفية استثمار أوقات فراغهم وقضاء عطلة الصيف، من خلال تنظيم الدورات التدريبية لهذه الفئة وورش تعليمية تناسب تخصصاتهم وظروفهم الصحية، لافتاً إلى أهمية مشاركة وتعاون القطاع الخاص مع جمعيات النفع العام لتبادل الفائدة التي تعود بالنفع على هذه الشريحة.
أنشطة
وحول اهتمام الجهات المعنية بذوي الإعاقة بإقامة فعاليات وأنشطة صيفية، قال الدبي: قد تكون هناك مشاركات من قبل بعض جمعيات النفع العام، لكن لا يكون الإعلام وافيا لها، أو لا تكون ذات منفعة لذوي الإعاقه، لا سيما في فصل الصيف.
ولفت الدبي إلى أن أغلب المعاقين يقضون العطل الصيفية ما بين السفر للخارج من اجل العلاج أو السياحة، فهذا أغلب ما يفعلونه في الصيف، ولكن من يبقى بالكويت فيقضيها في الشاليهات أو النوادي.
برامج تثقيفية
[CENTER][IMG]http://im47.gulfup.com/HacQNA.jpg[/IMG]
حوراء العنزي
[/CENTER]
وأيدته في الرأي حوراء العنزي (كفيفة)، مطالبة الجمعيات المعنية بذوي الإعاقة بتعزيز دورها من خلال تكثيف برامج التوعية لتثقيف المجتمع بإمكانات وطاقات هذه الفئة التي لا تختلف عن أقرانها، إضافة إلى قدرتها على الاندماج والانخراط بالمجتمع.
وفيما أثنت العنزي على اهتمام الدولة برعاية وخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن تحقيق الرفاهية من خلال توفير الألعاب الترفيهية المجانية والسماح لهم بالدخول المجاني، انتقدت نظرة المجتمع الدونية التي تلاحقهم في كل مكان وزمان من باب الشفقة والعطف، الأمر الذي يولّد لديهم شعورا بالاستياء والغربة، في مجتمع اعتبرته غير مهيأ لتقبّل المعاق بظروفه الصحية كفرد سويّ لا يعيبه شيء بخلاف الدول الأوروبية التي تنظر إلى المعاق كفرد فاعل ومنتج، مطالبة بضرورة تغيير ثقافة المجتمع حول مفهوم الإعاقة.
وفضلت العنزي عدم تخصيص أماكن خاصة لذوي الإعاقة وعزلهم عن المجتمع، رغبة منها في تحقيق مبدأ الدمج المنشود والمشاركة الفاعلة.
صيف جاذب.. ولكن!
[CENTER][IMG]http://im47.gulfup.com/Wsiwve.jpg[/IMG]
حصة البالول
[/CENTER]
ومن جانبها، اعتبرت نائب رئيس الجمعية الكويتية لمتلازمة الداون حصة البالول أن صيف الكويت جاذب، ولكن علينا أن نعرف كيفية الاستفادة منه من حيث المناطق الترفيهية التي تناسب ظروف أبنائنا من ذوي الإعاقة، فضلاً عن التعاون مع كل الجهات المعنية بحقوق هذه الفئة من خلال تنظيم الأنشطة والفعاليات الهادفة، مشيدة بوعي المجتمع بحقوق هذه الفئة، بالإضافة إلى ترسيخ نظرة الاحترام تجاه هذه الفئة التي كنا نعاني منها في السابق.
استغلال تجاري
وفيما أقرت البالول باهتمام جمعيات النفع العام بالأنشطة والفعاليات الصيفية، أبدت أسفها من استغلال بعض الجمعيات للأمر تجارياً، حيث تتطلع إلى جمع الأموال على حساب المعاق، كما أن أنشطتهم لا تلائم ظروف ذوي الإعاقة، داعية أولياء الأمور إلى اختيار المكان المناسب لأبنائهم.
وبالحديث عن أبرز المشاكل التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة صيفا، طالبت البالول بتخصيص مساحة خاصة لهم في شواطئ البحر، ليتسنى لهم ممارسة السباحة بيسر، مشيرة إلى رفض حمامات السباحة لاستقبال ذوي الإعاقة الذهنية، وفي حال قبولهم يتم دفع الرسوم بالضعف.
استعدادات
وتناولت البالول الحديث عن استعدادات الجمعية لاستقبال أبناء متلازمة الداون صيفا عبر تقسيم الوقت فترتين، الأولى قبل رمضان، اعتباراً من أول يونيو إلى آخر الشهر، والثانية بعد العيد، لافتة إلى الدورة التدريبية التي نظمتها الجمعية بالتعاون مع المجموعة التطوعية «داون تو أب» حول ماهية الأنشطة الملائمة لمتلازمة الداون وكيفية التعامل معها، بالإضافة إلى الأنشطة التدريبية التأهيلية للكبار من الجنسين.
وأشارت البالول إلى تدريب الفتيات الكبيرات على الأمور الحياتية مثل المطبخ، وكيفية إعداد الوجبات وتنظيم أجزاء البيت، إلى جانب التسوق وطريقة التعامل مع المشتريات وتنظيمها، لافتة إلى إنشاء جمعية تعاونية صغيرة وهمية داخل المركز، بحيث يتم تدريب الفتاة على كيفية التسوق وشراء المواد الغذائية وكيفية صرف الأوراق المالية.
ورش العمل
وفيما يتعلق بتدريب البنين صيفا، لفتت البالول إلى إشراكهم في ورش العمل حول كيفية ترميم المنزل والقيام بأعمال النجارة والصباغة، بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية كالسباحة وكرتي القدم والسلة.
وأشارت البالول إلى مواصلة الجمعية في التعليم الأكاديمي بالنسبة للصغار والمتمثلة في التخاطب والقراءة والحاسوب إلى جانب مشاركتهم في الحفلات والرحلات، مضيفة «نحن بصدد افتتاح الصالة الجديدة لإقامة سوق خيري في الفترة ما بين 23 و28 يونيو بحيث يعود ريعه لمصلحة أبناء الداون، حيث إن الجمعية غير مدعومة من أي جهة حكومية ومن هذا الريع نواصل أنشطتنا».
النوادي الصيفية
[CENTER]
[IMG]http://im47.gulfup.com/RVosuv.jpg[/IMG]
إلهام الفارس
[/CENTER]
ومن جانب أولياء الأمور، رأت إلهام الفارس (ولية أمر لطفلين من ذوي الإعاقة) أهمية استغلال وقت فراغ ذوي الإعاقات الشديدة على مدار الساعة من خلال إشراكهم في النوادي الصيفية حتى لا يشعروا بالعزلة والملل و»ضيقة الخلق» على حد تعبيرها، إلى جانب أهميتها في راحة أولياء الأمور أنفسهم وتخفيف العبء عليهم، مبينة أن مكوث هذه الفئة في المنزل قد يؤثر سلباً فيهم.
وفضلت أن تتخذ النوادي صيفاً مقراً لها في المدرسة ذاتها التي يلتحق بها التلميذ المعاق بدلاً من المراكز التي يلتحقون بها للمرة الأولى وتحتاج الى فترة للتكيف والتأقلم عليها، لافتة إلى قلة نشاط المجاميع التطوعية في فصل الصيف من واقع تجربتها بخلاف المعارض.
المطلوب أنشطة صيفية مكثّفة
طالب أولياء الأمور جمعيات النفع العام المعنية بذوي الإعاقة بتكثيف أنشطتها وفعالياتها، لا سيما في فصل الصيف لتنمية قدراتهم ومهاراتهم، فضلاً عن استثمار أوقات فراغهم في ما يعود بالنفع وتحقيق دمجهم المجتمعي.
حمامات سباحة
تساءلت حصة البالول: لماذا لا تكون هناك حمامات سباحة خاصة لذوي الإعاقة الذهنية الذين وصفتهم بالفئة «المنسية»؟ مشيرة إلى معاناة أولياء أمور هذه الفئة من التعنّت في كل مكان وعدم التساهل معهم.
حملات توعوية
دعا أولياء أمور المعاقين إلى ضرورة تنظيم حملات توعوية لتنوير المجتمع بحقوق ذوي الإعاقة، فضلاً عن تسليط الضوء على معاناتهم، بدلاً من إقامة الحفلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، على حد تعبيرهم.
جمعية أولياء أمور المعاقين:
صيفنا طارد..!
[CENTER]
[IMG]http://im47.gulfup.com/fcbQov.jpg[/IMG]
هدى الخالدي[/CENTER]
قالت عضوة مجلس إدارة الجمعية الكويتية لأولياء أمور المعاقين هدى الخالدي: «لا نجد اهتماما من قبل جمعيات النفع العام الاخرى بالأنشطة، ونحن الجهة الوحيدة التي تساعد ذوي الإعاقة على تنمية مهاراتهم وأنشطتهم».
واعتبرت الخالدي أن صيف الكويت طارد لذوي الإعاقة، لا سيما الذهنية، فمع دخول العطلات لا توجد نوادٍ تستقبلهم، كما يحتاجون إلى حمامات سباحة وملاعب كرة، مشيرة إلى حرص الجمعية على استقطاب أبناء ذوي الإعاقة بعد انتهاء فترة الدراسة، بالإضافة إلى ممن هم فوق 20 عاماً الذين يمكثون في بيوتهم وبانتظار الفرصة لتنمية مهاراتهم.
تدريب
وسردت الخالدي جملة من الأنشطة المقررة خلال فصل الصيف، موضحة أن الجمعية بصدد إقامة التدريب الصيفي لذوي الإعاقة جرياً على عادتها السنوية في الأفنيوز خلال الفترة ما بين 10 و28 أغسطس عقب شهر رمضان، بالتعاون مع مجموعة شركات الشايع وإيكيا الحميضي، ملمحة إلى مشاركة أخرى للجمعية في دورة تدريبية للعام الثاني، بالتعاون مع معهد الأبحاث العلمية لمدة شهر بستة متدربين من أبناء الجمعية، لتعليمهم وتسويق أنشطتهم وتعريفهم بالأمور الحياتية.