ان يحصل إنسان سوي على شهادة جامعية فهذا أمر معتاد، ولكن أن يتدرج معاق أصم أبكم في مراحله التعليمية وفي مدارس الأصحاء ليحصل أخيرًا على شهادة البكالوريوس في التخصص الذي يحب، فتلك قصة عجيبة بطلها الفلسطيني سعدي سليمان أبو عمرة.
والشاب أبو عمرة هو أول أصم يحصل على شهادة البكالوريوس في قطاع غزة مؤخراً، وذلك بعد مشوار طويل من التحدي بدأه منذ نعومة أظافره منذ التحاقه بالمدرسة.
ولم يكن صممه سببًا لأن يلتحق بمدارس ذوي الإعاقة وهو لا يصنف نفسه ضمنهم، فقد امتلك إرادة منذ طفولته جعلته يجتاح مؤسسات الأصحاء، وبحذاقته تغلب على رفضها له، والأعظم من كل هذا أنه اتخذ من الفشل دافعًا لتحقيق حلمه.
ويتحدث أبو عمرة ( 30 عاما ) بلغة الإشارة عن مسيرته قائلاً “بدأ مشواري من الصف الأول الابتدائي، فالتحقت بمدرسة عادية، ورسبت مرة وطردني المدير بحجة أني أصم”.
ويضيف “جاءت والدتي إلى المدرسة ووعدت المدير أنه إذا رسبت سنة أخرى ألا أبقى في المدرسة، وكان هذا وعد حققته ونجحت واجتزته إلى الصف الثاني”.
وكان يطلب من المعلمين الجلوس في المقعد الأول داخل الصف وأن يرفع المعلم صوته، وفي هذه الأثناء كان يحاول أن يستغل سعد بقايا ضعيفة للغاية من سمعه وأن يكتسب مهارة مراقبة شفاه المعلم.
يقول “فشلت مرة أخرى في الصف الرابع الابتدائي لكني بقيت في المدرسة واجتزته، وكانت لي تجربة فشل أخرى في الصف السادس أيضاً، وكل هذا جعلني أصر أكثر على الاستمرار في الطريق”.
الفشل دافع للاستمرار
واجتاز أبو عمرة الإعدادية بنجاح، حتى وصل إلى الثانوية العامة وفشل فيها، لكنه أعاد الكرة واجتازها أيضًا، ودفعته ميوله نحو الفن ليستغل ذلك في المشاركة بالمخيمات الصيفية والمعارض وتقديم أفكار للمهرجانات، لأربع سنوات متتالية.
وفي إحدى مهرجانات تكريم المتفوقين التقى أبو عمرة بأحد معلميه من المرحلة الإعدادية والذي انبهر كثيرًا بأفكار المهرجانات والرسومات التي كانت جميعها من إبداعه.
يقول “لما عرف المعلم أني اجتزت الثانوية العامة، انبهر وقال لي حرام أن تبقى هكذا وألا تملك شهادة جامعية وأنت بهذا الإبداع، وكان هذا المعلم الدافع الأول لي نحو التسجيل بالجامعة”.
تحد من نوع أخر
وهنا بدأ الشاب مشوارًا أخر برز فيه مستوى التحدي الكبير الذي كان يتمتع به، خاصة أنه كان يصر على الالتحاق بتخصص التربية الفنية في البكالوريوس رغم حصوله على معدل 52.4%!
وتوجه إلى جامعة الأقصى ورفضت قبوله في البكالوريوس، وعرضوا عليه عدة تخصصات في الدبلوم لكنه رفض، ورغم أنه حاولت اقناعهم بقبوله إلا أن الجامعة كانت تحتج بأنها تخشى ألا يتم اعتماد شهادته من وزارة التربية والتعليم.
ولم يضعف أمل سعدي فقصد التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم وشرح لها طلبه، وبالفعل استجابت لذلك ورفعت كتاباً إلى وزير التربية والتعليم للقبول به طالبًا في نظام البكالوريوس وإعطائه فرصة لتحقيق حلمه، حتى استجابت لذلك.
يقول “حصلت على معدل أقل من 64% في الفصل الأول بالجامعة فقد كان صعباً خاصة وأنها كانت البداية، وتم تقديم انذار أكاديمي لي بسبب تدني المعدل”.
ويضيف “هذا الإنذار جعلني أفكر باختيار زملاء لي يساعدونني في الجامعة، وبالفعل تجاوزت الـ67% بمعدلي التراكمي، وهذا ما أشعر الجامعة بقدراتي وكان سبباً في تقرب الأساتذة وزملائي مني”.
نموذج للنجاح
وبعد خمس سنوات دراسية في الجامعة تخرج الشاب أبو عمرة بمعدل 77.8%، ليكون أول أصم يحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة عادية في غزة ودون استعانته بأي من مؤسسات التعليم للصم أو المعاقين.
الإعاقة ليست مبرر فشل
بعد أن خضع تحت تدريب استمر طويلا في منظمة هانديكاب انترناشونال الدولية وهي مؤسسة تخدم الأشخاص ذوي الاعاقة استطاع أن يثبت جدارته في التدريب سمحت له المؤسسة بالتدريب في قسم الاعاقة السمعية وبعد أن درب الأشخاص عمل علي تكوين فريق شبابي من ذوي الاعاقة السمعية هادف الي شرح كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الاعاقة السمعية واستمر في ذلك الطريق ليثبت للعالم اجمع بأنهم بشر ولهم حقوق في الحياة .
رسم سعدي باسمه وباسم الفريق لوحة فنية كونه موهوب ومتعلم فنون جميلة ولديه القدرة علي يرسم رسمه تعبر عن حقوقهم واجبات المجتمع والعالم بشكل عام اتجاه وقد حصل علي التقدير والشكر بسبب هذه الرسمة الفنية المعبرة .
الفريق عمل على نفسه بشكل منتظم ومتكامل وليستطيع انتاج العديد من المبادرات والأفعال علي أرض الواقع ,ونظم مؤتمر خاص بذو الاعاقة السمعية بتعاون مع مؤسسة الهانديكاب الداعمة لهم بكل الجوانب وتم تغطيتها اعلاميا من قبل العديد من الوكالات والمواقع الاخبارية .
من ذلك الرجل نتعلم بأن العمل أساسه هو الارادة والمثابرة والمشي علي الأشواك وابتلاع المر بعلامات تلذذ وليس الوقوف عند اول فشل ..