موهوبون وفنانون تحدوا إعاقتهم البصرية وتعلموا فنون الموسيقى بإحساسهم ومشاعرهم لا بعيونهم، واندمجوا في عالم الغناء والتلحين بمواهبهم وقدراتهم الذاتية.
صنفوا أنفسهم في خانة الفنانين الأكثر «ظلما»، حيث لم يجدوا الدعم والاهتمام الإعلامي الذي يستحقونه، ناهيك عن عدم منحهم الفرصة للمشاركة في الأوبريتات الوطنية واقتصارها على الفنانين المشهورين ممن ذاع صيتهم.
القبس التقت بعدد منهم، حيث انتهزوا الفرصة وباحوا بهمومهم.
منصور العنزي فنان مبدع له نمط موسيقي متميز، وواحد من ذوي المواهب المتعددة في التلحين والتأليف الموسيقي والعمل المسرحي، صقل موهبته بما استطاع من الطموح والمثابرة وليس الدراسة.
لم ييأس قط من مصابه، وتحدى إعاقته البصرية بالإرادة والعزيمة القوية التي لا تعرف طريق المستحيل والاستسلام، إلى أن أصبح عملة نادرة في عالم الموسيقى والألحان.
لا اهتمام
يؤكد العنزي فكرة عدم الاهتمام بالفنانين والموسيقيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولاسيما فئة المكفوفين وهي الأكثر ظلماً مقارنة بباقي الفئات، على حد تعبيره، حيث لا يتم منحهم الفرصة لإبراز موهبتهم الفنية لتلحين الأعمال الوطنية الخاصة بالدولة واقتصارها على الفنانين المعروفين والأسماء اللامعة، لافتاً إلى توجهه إلى قطر بعدما ضاقت به السبل وعدم حصوله على فرصته في البلاد، حيث الاهتمام الكبير هناك والرعاية غير المعهودة بالفنانين من ذوي الإعاقة.
وأشار العنزي إلى صعوبة التواصل مع المطربين المشهورين نظراً لاعتمادهم على مجموعة من الأسماء، بخلاف الأمر في الدول الخليجية الأخرى التي تحرص على التعامل مع الجميع من دون تمييز.
وانتهز العنزي الفرصة، مطالباً المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بتخصيص مهرجان سنوي لعرض إبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة وإبراز مواهبهم، متمنياً من الفنانين فتح قنوات التواصل مع الملحنين الشباب من ذوي الإعاقة وألا تكون نظرتهم مادية بحتة.
الأوبريتات الوطنية
وأبدى العنزي أسفه من عدم الالتفات إلى أعمالهم الفنية، مدللاً على ذلك بمشاركتهم في الأوبريتات الكبيرة التي قدموها، حيث قامت وزارة الإعلام بشرائها بأبخس الأسعار من دون الاهتمام بقيمتها الفنية، «ناهيك عن إهمال وسائل الإعلام المختلفة في تبني مواهبنا، حيث حاولت التواصل مع العديد من البرامج الفنية لكن لم أجد من يسمعني».
ولفت العنزي إلى دعم بعض المؤسسات المهتمة بالثقافة والفنون للفنانين من ذوي الإعاقة من خارج الكويت، مقابل إغفالها للمواهب الوطنية، منتقداً غياب الوعي الثقافي بقدرات المعاق الفنية.
وواصل العنزي سرد همومه، لافتاً إلى أن بعض الأعمال الفنية تسيء إلينا أكثر من كونها تخدمنا، وخاصة المسلسلات، حيث يتم تصوير المعاق على أنه فرد غير فاعل في المجتمع لدرجة تصل إلى حد السخرية منه، ملمحاً إلى أن أغلب الأعمال المسرحية والدرامية لم تعش واقعنا عن قرب، مستندة على الارتجال والآراء الشخصية باستثناء الفنان مشاري البلام.
رحلتي الموسيقية
وعن بداية الموسيقى في حياته وكيفية اقتحامه هذا المجال الفني، قال العنزي «انه كان يمتلك موهبة العزف على الأورغ، وشعر أن مجرد العزف عليه ليس تميزاً، وكان حينذاك كثير التردد على نادي المعاقين، وبالصدفة كانت له مشاركة في إحدى البطولات التي أقيمت في النادي، حيث فكر بتأليف وتلحين كلمات عن ذوي الإعاقة ونالت استحسان الجميع، ومنهم الفنانة نوال الكويتية، وكذلك الموسيقي الموزع عمار البني الذي صارت لي صداقة معه وهو همزة الوصل بيني وبين الفنانين، ومن ثم بدأت رحلتي في عالم الموسيقى، وبدأت بعمل مجموعة من الأغاني في مدرسة النور التي كنت أعمل فيها مدرساً للغة الإنكليزية ومن ثم انتقلت لمرحلة الأوبريتات وهو شيء كبير».
العنزي يقول إنه صقل موهبته من خلال مشاركته في الانشطة الموسيقية بجامعة الكويت، حيث كان يدرس فيها، ومن ثم تعلم على الإيقاعات الكويتية وأنواعها، وخصوصاً أن الاهتمام حينذاك كان بالموسيقى الشعبية والتراث الكويتي، ونجحنا في الدمج ما بين الإيقاع الموسيقي الحديث والفن الشعبي حتى طورنا العديد من الأغاني القديمة».
عالم التلحين
وبالإبحار إلى عالم التلحين، لفت العنزي إلى أن هذه الموهبة بدأت بتأليف المقطوعات الموسيقية، حيث حمل أول عمل تلحيني له اسم «أشواق»، وبعدها شاءت الأقدار أن يلتقي بالفنانة نوال وقام بتلحين وكتابة كلمات أغنية لها عن المعاقين باسم «أبطال الذهب» بالإضافة إلى أوبريت «ليل العيون» عن المكفوفين، وذلك بمشاركة عدد من الفنانين، مضيفا «بدأت أنطلق إلى نطاق الأوبريتات الوطنية وأولها كان يحمل اسم «صور من بلدنا».
آلية العمل الموسيقي
وعن آلية عمله وكيفية تعاطيه مع الموسيقى، أوضح العنزي أنه يقوم بتسجيل الألحان على الأيفون (حيث يدعم هذا الجهاز الكثير من البرامج الموسيقية وهندسة الصوت) باستخدام برنامج ناطق خاص بالمكفوفين ومن ثم يرسلها عبر الإيميل للموزع، لافتا إلى حرصه على التواجد منذ البداية إلى النهاية.
وسائل الإعلام
أما الفنانة سحر العجمي فاستطاعت من خلال صوتها الساحر أن تأسر قلوب مستمعيها وآذانهم متحدية إعاقتها البصرية، كما نجحت في توظيف هوايتها الموسيقية إلى أن احترفت الغناء.
وتعود بدايتها الفنية إلى أيام المدرسة، حيث كانت تغني في العاشرة من عمرها بالإضافة إلى مشاركتها في التجمعات الموسيقية إلى أن سلكت طريق النجومية.
وفضلت العجمي غناء الأغاني الوطنية أكثر من غيرها لما لها من هدف سام بالإضافة إلى الأوبريتات الوطنية، وتلك الخاصة بذوي الاعاقة، مبدية أسفها من إهمال وسائل الإعلام للأوبريتات الخاصة بذوي الإعاقة بخلاف الأوبريتات الاخرى، إلى جانب عدم تقدير مواهبهم وعدم منحهم نصيبهم من الجوائز التشجيعية.
وتحدثت العجمي عن مشاركتها في حفلات ليالي فبراير 2010 بصحبة الفنان حسين الجسمي، بالإضافة إلى غنائها مع الأخير خلال الاحتفال بفوز المنتخب في كأس الخليج الأخير إلى جانب غنائها مع الفنانة بلقيس.
لماذا يتجاهلوننا في حفلات التلفزيون؟
مهند عامر (من ذوي الإعاقة البصرية) فنان متعدد المواهب يجمع بين هوايتي الغناء والعزف على آلتي العود والقانون، عرف طريق الغناء منذ أيام الدراسة، حيث اكتشف أصدقاؤه ومدرسوه موهبته الموسيقية ومن ثم التحق بجمعية المكفوفين ليعزز هذه الموهبة، كما كانت له مشاركات عديدة في أوبريتات الجمعية والملتقيات والحفلات التي تقيمها جمعيات النفع العام المعنية بذوي الإعاقة.
وانتقد عامر عدم مشاركة الفنانين من ذوي الإعاقة، ولاسيما من المكفوفين في الحفلات التلفزيونية، لافتا إلى عدم وجود متخصصين لتعليمهم فنون الموسيقى بلغة برايل، حيث التعليم الذاتي عن طريق الموهبة.
وأشار عامر إلى عدم وجود نوتات موسيقية بلغة برايل، وأن التعامل مع الآلات والعزف يتم بمجهود شخصي، داعيا المسؤولين والجهات المعنية إلى مزيد من الالتفات لمواهبهم.
قدرات ذاتية
أشار منصور العنزي إلى أن جميع أوبريتات جمعية المكفوفين تعتمد على قدراتها الذاتية من حيث التأليف والتلحين.
اهتمام إعلامي
اشتكت سحر العجمي من غياب الاهتمام الاعلامي بالفنانين والموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة، مطالبة بالاهتمام بهم أسوة بأقرانهم الفنانين الاسوياء.
تواصل اجتماعي
بين منصور العنزي أنه يحرص على التواصل مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معلناً استعداده لتبني المواهب الشبابية الفنية ممن لديهم أصوات جيدة.
مواهب مدفونة
لفت منصور العنزي إلى وجود الكثير من الفنانين من ذوي الإعاقة، ولكنهم مغمورون، كما أنهم لم يجدوا الفرصة السانحة لهم لتوظيف مواهبهم المدفونة وإبرازها بشكل يليق بهم.
[IMG]http://im79.gulfup.com/87z9Nr.jpg[/IMG]
منصور العنزي يعزف على أورغه
[IMG]http://im79.gulfup.com/Hq4n51.jpg[/IMG]
سحر العجمي تشارك حسين الجسمي في الاحتفالات الوطنية