براءة ناصر تخطف القلوب.. عيناه الحزينتان تشعان بالذكاء والحنان، وروح المرح التي يتمتع بها تضفي سعادة على كل من حوله، ناصر مصاب بالتوحد وقصته تجسد معاناة الاسر مع ابنائها ومع واقعها ومع بعض المسؤولين الذين لا يشعرون بمتاعبهم.
تقول سارة المطيري والدة الطفل «ناصر»: لم اجد اختلافا لدى طفلي ناصر عن سمات أي طفل آخر مصاب بالتوحد، اكتشفت حالته وعمره 8 شهور حيث راودتني الشكوك من تأخر التفاعلات الاجتماعية لديه وعدم التركيز والانتباه وعدم خروج اصوات او مناغاة.. كان طفلا مختلفا عن اقرانه.
< هل عانيتِ في بداية الامر.. اشرحي لنا؟
- نعم عانيت في بداية الأمر كأم تجهل ماذا يعاني منه طفلها ولم أجد اجابة لأسئلتي التي تجول بخاطري.. ناصر طفل جميل لا تبدو عليه اي علامة شكلية تقول انه يعاني من اعاقة، ولكنه لا يستجيب لأي مؤثر حوله غير التلفزيون والاضاءات والتحديق بالسقف وبعد عمر السنة ذهبت به الى الدكتور ونقلت له ملاحظات وكانت اجابته «دا لسه صغير عوزاه يعمل ايه».
فقمت بعمل تخطيط سمع وفحص للنظر وكلها سليمة مما زاد الشك عندي بأن هناك مشكلة اجهلها، فاتجهت للانترنت وكانت الاجابة عن جميع التساؤلات التي كانت تشغلني بكلمة واحدة «توحد» والسمات المشتركة بين هؤلاء الاطفال وعلى الفور توجهت الى الطب التطوري، حيث كان بعمر سنة ونصف السنة مما اضطرهم الى ان يسخروا من مخاوفي قائلين: «ما يتشخص الطفل بهذا العمر».
وبعد إلحاح مني طلبت موعدا فحددوه بعد ستة شهور ومن الممكن ان نفتح ملفا بعد ان يتم عامه الثاني وبعد عرض ناصر على اللجنة وتوجيه عدة اسئلة لي قالوا ان ناصر طفل توحدي ويجب التوجه به الى هيئة ذوي الاعاقة.
في هذه الاثناء كنت ابحث عن حضانة قريبة من منزلي بمحافظة الجهراء وللاسف لم اجد، كأن ناصر الطفل التوحدي الوحيد في هذه المحافظة!!!
ذهبت الى مركز الكويت للتوحد وفوجئت بقبوله ولكن وضع اسمه تحت قائمة الانتظار.
بعدها قررت البحث عن حضانات وان كانت خارج الجهراء وبالفعل وجدت حضانة في محافظة الفروانية داوم فيها «ناصر» شهرا وكان اتعس شهر مر عليه فقد كان يبكي بكاء مريرا من ساعة دخوله الحضانة الى نهاية الدوام.
وبعدها قررت ان اقوم بعمل صف له داخل المنزل وأستعين بمختصين يقدمون له جلسات ودورات تعديل السلوك والتخاطب والعلاج الوظيفي وبفضل من الله بدأ «ناصر» يتحسن في التواصل البصري بعد ان قررت عمل حمية غذائية له تحت اشراف دكتور من خارج الكويت.
جهات الوعي
< ما الجهات او المراكز التي ساهمت في زيادة وعيك بحالة طفلك؟
- للاسف لم اجد التوجيه في الطب التطوري ولا من لجنة الاطباء ماذا وكيف اتصرف مع طفلي سوى اعطائي تقريرا وبعدها توجهت الى مركز التوحد وهو الجهة المعنية بالتدخل المبكر وللاسف فوجئت بقائمة انتظار طويلة.
< اليوم هل تجدين رعاية من الدولة في مساعدة طفلك؟
- لم توفر الدولة الرعاية الكاملة بالذات لذوي الاعاقات الذهنية والتوحد، وليس هناك الاستشارات النفسية لطفل التوحد والاسرة مما يضطرنا الى ان نستعين بالمراكز الخاصة لذوي الاعاقات الذهنية وهم ليس لديهم ناد رياضي اسوة بالاعاقات الاخرى واسوة بأقرانهم الطبيعيين.
اعتمدت كأم على نفسي من خلال اشتراكي بالمنتديات والجروبات التي ساهمت كثيراً في تخفيف العبء النفسي والاجتماع بأسر تحمل نفس المعاناة وكنا كأسرة واحد نتبادل الخبرات.
مرشد نفسي
< ما احتياجات الاسرة التي يعاني طفلها التوحد؟
- تحتاج الى مرشد نفسي لكي يساعدها على تخطي المشاكل والعراقيل التي قد تصاحب الحالة، مثل حالات العنف وايذاء الذات وكيفية التعامل، تحتاج اسرة الطفل التوحدي الى دورات وورش عمل لكي يتسنى لهم مواجهة اي مشاكل بالمستقبل.
< هل كل المستوصفات لديها القدرة على ان تعالج طفلك؟
- مو دايماً تقدر تعالجه بالذات علاج الاسنان، طفل التوحد لا يستطيع ان يستجيب لطبيب الاسنان مما يضطرنا الى التخدير الكلي ويضع اسمه تحت قائمة العمليات والانتظار.
قوانين واندماج
< برأيك هل القوانين تساهم في ان يكون طفلك مندمجا مع المجتمع؟
- لم يساهم المجتمع بدمج اطفال التوحد بل للاسف ساهم بعزلهم وعدم خروجهم من عالمهم بسبب النظرات التي تلاحقهم من اي تصرف يقومون به.
واتمنى ان يكون لأطفال التوحد مدارس قريبة من منازلهم ومراكز ترفيهية رياضية تعليمية تساهم في تخفيف العب النفسي والمادي عن الاسرة ويجب اعداد لجان مراقبة من هيئة ذوي الاعاقة على المدارس والمراكز ومراعاة المعايير والمقاييس العالمية في انشائها.
واغلب المدارس التي تقدم خدمة جيدة هي مدارس اجنبية مما يدخل الطفل في عدم ثبات باللغة بين المدرسة والمنزل.
وكذلك القصور في الرعاية الطبية تجب معالجتها او تتكفل شركات التأمين بتغطية تكاليف العمليات كعمليات الاسنان التي قد تكلف على الاهل 500 دينار لكي يشلع ويعالج الاسنان بجلسة واحدة.
وايضا توفير ناد رياضي لذوي الاعاقة الذهنية، وتوفير مراكز صيفية ومسائية فبعض اطفال التوحد قد يخضع لحمية خالية من الغلوتين والكازين مما يضطر الاهل الى السفر لدبي والرياض لتوفير الاكل، نحتاج كذلك الى معرفة عدد اطفال التوحد بالكويت، ويجب توفير مركز للابحاث لنعرف اخر ما توصل اليه العالم في هذا المجال.
أم خالد: العيادات والمراكز الخاصة تستغل الأهالي
طالبت أم خالد بتوفير منتجات الحمية الخالية من الجلوتين، لصعوبة الحصول عليها مع توفير مراكز صحية خاصة لذوي الإعاقة مثل الأسنان وغيرها.
وأشارت أم خالد إلى أن نقص الاخصائيين والمدرسين في مركز الكويت للتوحد يؤدي إلى عدم تلبية متطلبات الأطفال التوحديين.
ودعت أم خالد إلى توفير فرص عمل للتوحديين لأنهم – حسب قولها- قادرون على الإنتاج ويجب عدم إهمالهم أو تغييب فئة من المجتمع، وشددت على ضرورة تعليمهم واعطائهم شهادات وبالتعاون مع وزارة التربية وفق اختبارات ومقاييس تقييمية لهم.
وأوضحت أهمية زيادة الوعي بمرض التوحد في المجتمع الكويتي باعتبار أن كثيرين لا يعرفون وليس لديهم خلفية عن هذا المرض الذي أصاب أعداداً كبيرة وما زال في تزايد، مشيرة إلى أن قسم الطب التطوري في مستشفى الصباح هو المكان الوحيد الحكومي في الدولة لتقييم الاعاقات الذهنية ولا تتوفر لديهم الأماكن أو الأطباء وليس هناك تقييم دوري لأبنائنا المعاقين ولا جلسات تخاطب فهو قسم صغير جداً لا يفي بالأعداد الكبيرة من المرضى، مما يجعل أسر مريض التوحد يلجأون إلى العيادات والمراكز الخاصة التي تستغل الأهالي وتستنزف أموالهم وقد يتم تقييمهم تقييماً خاطئاً.