قام مركز الكويت للتوحد بمجهودات مهمة لعلاج هذا المرض، فحسب احصائية رسمية فان %50 من الذين استقبلهم هذا المركز تم علاجهم بحيث لا يمكن ملاحظة أي فرق بين الاطفال غير المصابين بالتوحد ومن هنا جاء اللقاء مع مديرة مركز الكويت للتوحد ونائب رئيس منظمة التوحد العالمية WAO د.سميرة السعد التي اكدت في البداية ان التوحد يعتبر من الاعاقات الصعبة التي تعرف عالمياً بأنها خلل وظيفي في المخ لم يصل العلم بعد لتحديد أسبابه، يظهر خلال السنوات الأولى من عمر الطفل ويؤدي إلى قصور وتأخر في النمو الاجتماعي والادراكي والتواصل مع الآخرين.. ويلاحظ ان الطفل المصاب بالتوحد فقط يكون طبيعياً عند الولادة وليس لديه أية اعاقة جسدية أو خلقية وتبدأ المشكلة بملاحظة الضعف في التواصل لدى الطفل ثم يتجدد لاحقاً بعدم القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية وميله للعزلة مع ظهور مشاكل في اللغة ان وجدت.. ومحدودية في فهم الأفكار.. ولكنه يختلف عن الأطفال المتخلفين عقلياً بأن البعض من المصابين لديهم قدرات ومهارات فائقة قد تبرز في المسائل الرياضية أو الموسيقى والمهارات الدقيقة.. ويتفوق عليه الطفل المتخلف عقليا في الناحية الاجتماعية وبالطبع هو انسان طبيعي ولكنه مختلف ويحتاج لمن يفهمه ويدخل في عالمه ليتواصل معنا ويكون سعيداً، وسألناها:
< ما طبيعة نشاط مركزكم لرعاية اطفال التوحد وفقا لاحتياجاته؟
- قالت: منذ تأسيس المركز عام 1994 واختيار اسم الكويت له كان الهدف ان يكون متخصصاً في تقدم خدمات متكاملة لاعاقة التوحد فهو مركز للأبحاث في هذا المجال وقد تم نشر أكثر من ستة بحوث في مجلات علمية دولية محكمة مشهورة بحمد الله بمستواها العلمي العالمي.. وهو مركز لنشر الوعي بالاعاقة، والذي أخذناه على عاتقنا على الرغم من الامكانيات المحدودة في بداية التأسيس فكنا ننشر في الجرائد والاعلام المهني ما يخص التوحد وجذب نظر المجتمع للكلمة ليتفهم المصابون به ويتقبل احتياجاتهم واذا نظرنا الى ما تم خلال العشرين سنة الماضية فنحن فخورون بحمد الله والذي وصل اختيارنا منذ 2002 ليوم التوحد في ابريل الى هيئة الأمم من خلال الرابطة الخليجية للتوحد (دولة قطر) ليبدأ الاحتفال بيوم التوحد عالمياً منذ 2008 واختيار 2 ابريل يوماً للتوحد.
كما نهدف الى تقديم المعلومة عن التوحد باللغة العربية سواء للمختصين من خلال اختبارات مقننة الى كتب للمعلمين والى أولياء الأمور ولم ننس الاخوة والاخوات وهو ركن مهم في فهم الاعاقة فقدمنا العديد من قصص الأطفال التي تهدف الى التعرف على الاختلافات والاحتياجات من خلال قصة مشوقة.وكان التدريب والذي بدأناه منذ بداية التأسيس ولم يقتصر على العاملين في المركز وانما دورات مفتوحة لداخل وخارج الكويت ومؤتمر 2000 كان أول مؤتمر متكامل عن التوحد في الشرق الأوسط استضفنا مؤلفي النظريات في التوحد وواضعيها ليقدموا التدريب والمعرفة المباشرة للحضور والآن نعد للمؤتمر العالمي 2014 والذي يعقد كل 4 سنوات في دولة من العالم فكان 2006 في جنوب أفريقيا و2010 في المكسيك ونوفمبر 2014 في الكويت وتحت رعاية أمير البلاد.
تدريبات خاصة
< ما ابرز الأنشطة التي يمكن ان يتميز بها طفل أو مراهق مصاب بالتوحد؟
الشباب يتم تدريبهم على الجانب المهني والأنشطة المهمة لدينا مثل ورشة خشب – خياطة - الخط العربي – نول – ورق – رسم – خزف - كمبيوتر وغيرها حيث تحتاج الى مهارات دقيقة ويقومون بها دون ملل أو انزعاج خاصة اذا كانوا يحبونها ويتميزون فيها.
< ما أكثر الصعوبات التي تواجهكم في التعامل مع هؤلاء الأطفال وذويهم؟
- هناك صعوبات عدة منها:
< الاستمرار في التدريب والالتزام بالخطة الموضوعة لمواجهة أي سلوك والصبر عليها.
< ضعف المعرفة بالتوحد والذي يؤثر في التعامل مع الطفل بشكل صحيح.
< زيادة الوزن لدى عدد كبير ممن لا يلتزم بالوجبات الرئيسية الصحية وترك الطفل بدون رقابة خلال اليوم.
< عدم جود برنامج ترفيهي رياضي ولو بسيط لاشغال الطفل في المنزل يوجهه نحو سلوكيات يصعب التعامل معها لاحقاً.
دور الأسرة
< ما نصائحكم وارشاداتكم لذوي الطفل المصاب بالتوحد وكيفية التعامل معه فور اكتشاف مرضه؟
- الأسرة لها دور كبير وفعال ولكن لتكن الأسرة واقعية في مواجهة مستقبل طفلها ومدى نجاحه في مراحله العمرية فهو يعتمد على ثلاثة أمور أو أضلاع المثلث كما اسميها وأكررها في محاضراتي والدورات التي نقدمها للأسرة والمعلم ان قياس مدى التقدم للطفل يعتمد على:
< القدرات الفعلية التي وهبها الله للطفل.
< البرنامج التدريبي الذي يتلقاه الطفل ومدى فعاليته.
< الأسرة وما تقوم به من متابعة للتدريب الذي يحصل عليه الطفل في مدرسته، فهو يقضي مع أسرته وقتاً أطول مما يقضيه في مدرسته أو المركز أو حتى معلم يأتيه للمنزل ليدربه لمدة ساعة أو ساعتين ثم لا يبقى الا الأسرة التي تلازمه طوال العام.
وفي حال قياس هذه الأمور والهامة والأساسية لكل طفل.. فسيكون الجواب لدى الأسرة عن طفلها بالتأكيد.
دور توعوي
< ما هو دوركم في التوعية للتوحد؟
- المركز على مدار العام يقوم بنشر الوعي بالاعاقة من خلال وسائل مختلفة وفعاليات وأنشطة يتم التركيز أكثر فيها خلال شهر التوحد والذي يصادف الثاني من ابريل من كل عام وهو يوم يحتفل به العالم سنوياً ومن هذه الأنشطة:
< نشر اعلانات مقروءة ومسموعة ومرئية.
< تنظيم فعاليات وأنشطة مع جهات مختلفة.
< اقامة سوق خيرية يعود ريعها لصالح الوقف.
< تنظيم محاضرات وورش عمل لمدارس وزارة التربية.
< تنظيم حملة اعلانات عبر وسائل النقل.
وغيرها كثير....
< ما أكثر قصة أو حالة استدعت تعاطفكم وجهودكم؟
- كل الحالات التي تمت مقابلتها بصورة مباشرة أو سمعنا عنها أو قرأنا عنها هي حالة مختلفة عن الأخرى ونكن لها كل اهتمام واحترام فدورنا رعايتهم جميعا منذ بداية علم الأسرة بالتشخيص حتى الوصول بالطالب لنتيجة ترضي أسرته وطاقم العمل الذي يعمل معه للوصول به الى الاستقلالية والاعتماد على الذات وهناك نماذج مثل مساعد معلم ومساعد ملاحظ ورشة الذين تم تعيينهم في المركز بعد انتهاء تدريبهم انما هو خير تقييم وهدف نسعى له.
وقصص نجاحهم هي القصص التي نرويها بسعادة.. تمثلها ابتسامة الطالب وسعادة أسرته بحمد الله.
حاجات أولادنا ودور المسؤولين
وحول مطالب ذوي الطفل المصاب بالتوحد ودور المسؤولين في سد احتياجاتهم وذويهم، تقول د.سميرة السعد: ان المطالبات كثيرة ومختلفة من أسرة الى أخرى فلكل أسرة أولويات تختلف عن الأخرى ولكن ولله الحمد الأمور تغيرت كثيراً عن السابق وأصبحت هناك قوانين تنظم وتحدد احتياجات ورغبات الأسرة كل وحسب الاعاقة والصعوبات التي يعاني منها الطفل «فالكويت تعتبر من الدول الرائدة في خدمة أبناءها من ذوي الاحتياجات الخاصة ورعاية الدولة لهم كبيرة ولله الحمد وأظن ان أقصى مطالب الأسرة هو وجود مكان لتشخيص صحيح للطفل في سنواته الأولى الى مدرسة لتعليمه وتدريبه ثم مركزاً تأهيليا مهنياً لبعد فترة الشباب وهو ما نقدمه بصورة مصغرة أو نموذجية في مركز الكويت للتوحد ويمكن تكراره لأعداد أكبر وبرعاية الدولة».
وكما يقول الأمين العام للأمم المتحدة في كلمته بمناسبة يوم التوحد ابريل 2014 (ان اليوم العالمي للتوحد ليس لمجرد نشر الوعي والفهم له انما هو دعوة الى العمل وأناشد كافة المعنيين بأن يشاركوا في دعم وتعزيز التقدم من خلال دعم البرامج التعليمية وفرص العمل والاجراءات الأخرى التي تساعد على تحقيق رؤيتنا المشتركة بايجاد عالم أكثر شمولاً يسع الجميع).
تطورات إيجابية
كلمة علاج بالمعنى الطبي المعروف وهو الشفاء التام غير متوافقة مع التوحد ولكن الطرق التدريبية التي نقدمها للطفل تعطي نتيجة ممتازة ولله الحمد.. أما العلاجات بالأدوية وما شابه فكلها تجارب نسمع عن نجاح واحدة مع طفل ولا تتطور كما ان أغلب ما هو متوافر حتى الآن مثل استعمال الفيتامينات أو الحمية أو التدريب السمعي أو الأكسجين أو الخلايا الجذعية وغيره انما هي محاولات لعلاج أمور مصاحبة للتوحد نفسه.. قد تساعد في هدوء الطفل وزيادة المناعة ولكن لا يوجد حتى الآن ما يغير التوحد نفسه.. وانما دائما أقول ان التوحد مثل السكر يمكن ان تكون صديقه وتعيش سعيداً ويمكن ان تهمله وقد تتعرض للضغط والقلب والغرغرينا.
رابطة خليجية
وعندما سألنا مديرة مركز الكويت للتوحد عن اعداد المصابين به في الكويت، قالت د.سمير السعد؟ لا توجد احصائية رسمية للأسف بالكويت وحاولنا من خلال رابطة التوحد الخليجية والتي تأسست عام 2002 ومقرها الكويت العمل على حصر المصابين بالتوحد بالخليج والكويت حاولت اضافة سؤال لدى ادارة الاحصاء بسؤال هل لديك طفل من الفئات الخاصة والحمد لله تم ذلك.. كما تم التعاون مع مجلس الاعاقة بمعرفة الأعداد المسجلة في المدارس عام 2009 وكانت 280 حالة (من العمر 5 - 20 عاماً فقط) وبالتأكيد زادت الآن بعد نحو 5 سنوات.
برنامج التدخل المبكر
أما عن البرنامج الأساسي النموذجي للتوحد والذي يمكن تكراره داخل وخارج الكويت فتقول د.سميرة السعد: نقدم لمريض التوحد عدة برامج مختلفة وعلى مدار العام تهدف الى شغل أكبر قدر من الوقت للطالب وتنمية قدراته وميوله وخدمة الأسرة والمعلم، ومن هذه البرامج: التربوي والتدريبي الأساسي والتدخل المبكر التأهيلي وبيت الشباب والنادي الصيفي وقسم الاستشارات الفردية الأسرية وقسم التقييم والتشخيص واستشارات النطق والتواصل والحسية.. ويتم قبول الحالات المتقدمة بعد تسجيلها في المركز واستيفاء شروط التسجيل وهي وجود تشخيص طبي معتمد يفيد ان الطفل يعاني من التوحد واستكمال الأوراق والبيانات الشخصية واستكمال تدريب الطفل على برنامج الاعتماد على نفسه في قضاء حاجته بالحمام بعدها يتم عمل مقابلة أوليه مع الأسرة والطالب تمهيداً لقبوله في برنامج التدخل المبكر حيث يخضع لتقييم شامل لقدراته يتم بعدها وضع خطة تعليمية فردية تناسب كل القدرات وتنميتها وتضع خططا للمشاكل السلوكية ان وجدت ويتم عرض تلك الخطة على الأسرة لمشاركتها في الأهداف وتنفيذها لضمان تطور أفضل للطالب وسياسة المركز ان نساعد في فتح مدارس أخرى وبرامج متنوعة وليس قبول كل المتقدمين في الكويت في المركز فنحن نقدم نموذجا فيه أكثر من 120 طالبا وطالبة في جميع المستويات والأعمار ويتم قبول عدد أكبر بزيادة عدد المعلمين الذين يمرون بدورات تدريبية مكثفة طوال العام وهو أمر مرهق جداً لنا ولكنه هام وأساسي للطفل ولسمعة مركز الكويت للتوحد.