يعيش في هدوء وسكون معظم اوقاته، شارد الذهن، مُسالما، كملاك وجد في نفسه اختلافا عن البقية من أبناء جنسه، ينفصل بروحه عن الواقع ويحلق في اثير الفضاء الواسع، يعيش وحيدا في عالم لا يكون فيه الا هو وحده، متوحدا مع ذاته في عالم يقل فيه الكلام، وكأنه ينبئ الكون بأنه لا يريد التحدث الا مع السماء انه مريض «التوحد».
و«التوحد» من الاعاقات الصعبة التي تعرف علمياً بأنها خلل وظيفي في المخ لم يصل العلم بعد لتحديد أسبابه يظهر خلال السنوات الأولى من عمر الطفل، ويمتاز بقصور وتأخر في النمو الاجتماعي والادراكي والتواصل مع الآخرين.
ويلاحظ ان الطفل المصاب بالتوحد فقط، يكون طبيعياُ عند الولادة وليس لديه أي اعاقة جسدية أو خلقيه وتبدأ المشكلة بملاحظة الضعف في التواصل لدى الطفل ثم يتجدد لاحقاً بعدم القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية وميله للعزلة مع ظهور مشاكل في اللغة ان وجدت ومحدودية في فهم الأفكار ولكنه يختلف عن الأطفال المتخلفين عقلياً بأن البعض من المصابين لديهم قدرات ومهارات فائقة قد تبرز في المسائل الرياضية أو الرسم أو الموسيقى والمهارات الدقيقة ويتفوق عليه الطفل المتخلف عقلياُ في الناحية الاجتماعية.
تعريفه العلمي
التوحد او الذاتوية Autism هو احد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة باللغة الطبية «اضطرابات في الطيف الذاتوي» تظهر في سن الرضاعة وقبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات على الاغلب، ويصيب خمسة أطفال من بين كل 10 آلاف طفل. ويتميز بوجود خلل في التواصل والتفاعل الاجتماعي وخاصة في اللغة المنطوقة والتعبيرية، بالاضافة الى وجود سلوك تكراري مقيد ويحدث هذا الاضطراب في الذكور بمعدل ثلاثة الى أربعة أضعاف معدله بين الاناث.
ويتميز الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب بعدم اكتسابه اللغة السليمة، أو أنه اكتسب اللغة ثم تدهورت لديه حتى فقد القدرة على التعبير، أو صار يستعمل الكلمات والضمائر والجمل بشكل غير سليم، وتلاحظ الأم غالبا ان طفلها لا يتفاعل معها ومع الآخرين كما يفعل الأطفال الذين هم في عمره، فعواطفه باردة واذا غابت عنه أمه أو حضرت فلا تجد لديه افتقادا لها أو انفعالا لرؤيتها عند عودتها، فهو بشكل عام فاقد للاستجابة لمشاعر الآخرين نحوه ولا يتفاعل مع من بالشكل المتوقع ولا يتبادل معهم الايماءات الطبيعية، أما من ناحية اللغة فتلاحظ الأم ومن حولها ان الطفل يفتقد الى المهارات اللغوية سواء من ناحية استخدام الأفعال أو الضمائر أو تركيب الجمل، فهو قد يستخدم ضمير «أنت» مكان «أنا»، وقد يركب الجملة بشكل عكسي.
كما ان الطفل لا يستطيع البدء بالكلام أو الاستمرار فيه أو المتابعة المنطقية له، بل يحتاج المتحدث معه الى التكرار واثارة انتباهه دوما حتى يستجيب لغويا، كما ان المترادفات لديه قليلة وقاموسه اللغوي ضحل وقليل. ويلاحظ أيضا انعدام قدرته على الخيال أو الابداع في التفكير، وعدم استجابته الحسية كما قد لا يشعر بالألم اذا سقط أو ضُرب أو أصيب اصابة ما.
تشخيص المرض
يجري طبيب الاطفال المعالج فحوصات منتظمة للنمو والتطور بهدف الكشف عن تاخر في النمو لدى الطفل، وفي حال ظهرت اعراض التوحد لدى الطفل، يمكن التوجه الى طبيب اختصاصي في علاج التوحد، الذي يقوم بالتعاون مع طاقم من المختصين الاخرين، بتقييم دقيق للاضطراب.
أعراض التوحد
يمكن ان تكون أعراض التَّوَحُّد أو الذاتوية ملحوظةً خلال الأشهر القليلة الأولى من حياة الطفل، وفي أحيان أخرى يمكن ألا تظهر الأعراض قبل الثالثة من العمر، كما ان هناك مجموعة مختلفة من الأعراض لكل طفل، ولكن هناك علامات عامة يشترك فيها كثير من الأطفال الذين يجري تشخيص حالتهم في وقت لاحق، وهناك علامات وأعراض كثيرة ينبغي على الأهل مراقبتها لأنها قد تشير الى ان الطفل مصاب بالتوحد وأن الطفل لا يتطور بشكل طبيعي منها:
-1 في العادة يستجيب الطفل الى أصوات أفراد عائلته ويلتفت الى هذه الأصوات خلال الأشهر الأولى من عمره أما اذا كان الطفل لا يستجيب الى هذه الأصوات معظم الوقت، فقد يدعو هذا الى القلق.
-2 يكون الطفل في عمر السنة قادراً على مشاركة شخص ما في النظر الى شيء معين، مثلاً اذا أشار الشخص الى شيء من الأشياء فان الطفل سوف ينظر الى الشيء نفسه ويهتم به، كما ان الأطفال الذين يكون تطورهم طبيعياً غالباً ما يحاولون لفت انتباه الآخرين الى الأشياء التي تهمهم، وغياب الاهتمام المشترك مع الآخرين قد يكون علامة على وجود خلل.
-3 في العادة يقوم الأطفال بتقليد الأشخاص المحيطين بهم، والأطفال الذين يكون تطورهم طبيعياً يقلدون تعبيرات الوجه وحركات اليدين، بل حتى حركات الجسم، أما الأطفال المصابون بالتَّوَحُّد أو الذاتوية فهم نادراً ما يقلّدون الآخرين.
-4 قد لا يستجيب الأطفال المصابون بالتوحد لمشاعر الآخرين، عندما يرى الطفل المصاب بالتوحد شخصاً في حالة غضب أو بكاء، فقد لا يستجيب لذلك اطلاقا، أما الطفل الطبيعي فهو يستجيب عادة لمشاعر الآخرين بطريقة من الطرق، يمكن مثلاً ان يحاول مواساة الشخص، أو يمكن ان يظهر عليه الغضب هو أيضاً.
-5 أطفال التَّوَحُّد نادراً ما يتظاهرون بأنهم يلعبون ويمكن للطفل المصاب بالتوحد ان يلعب بشيء من خلال لمسه أو تحريكه، ولكنه لا يتفاعل معه بطريقة تخيلية.مثلاً، يمكن للطفل المصاب بالتوحد ان يمسك لعبة على شكل طائرة ويلهو بها بطريقة لا معنى لها. أما الطفل الطبيعي فيمكن ان يُمثّل ان الطائرة تطير ويتفاعل معها بطريقة تخيلية.
-6 يمكن ان يكون تطور الطفل طبيعياً، وفجأة يفقد اللغة أو المهارات الاجتماعية، فمثلاً، يمكن ان يصبح الطفل المصاب بالتوحد فجأة عاجزاً عن تشكيل الجمل أو عن استخدام بعض المفردات كما كان يفعل من قبل.
-7 قد تكون الحركات الجسدية للمصاب بالتَّوَحُّد أو الذاتوية غير طبيعية يمكن ان يواصل الانتقال من مكان الى آخر وأن يجد صعوبة في البقاء ساكناً، ويمكن أيضاً ان يقوم بحركات متكررة مثل التأرجح الى الأمام والخلف، أو التصفيق، أو الرفرفة بذراعيه.
-8 يمكن ان تكون استجابة الطفل المصاب بالتوحد غير طبيعية تجاه الألم أو الضوء أو الصوت أو اللمس، وقد لا تكون استجابة الطفل المصاب بالتوحد للألم طبيعية، فمن الممكن ان يبدو قليل الشعور بالألم، ولكن الضجيج المرتفع يمكن ان يزعجه، بل يمكن ان يسبب له الألم أيضاً.
-9 يمكن ان يغضب الطفل المصاب بالتوحد اذا تغير نظام حياته اليومي بل ان أبسط التغيرات يمكن ان تصيبه بغضب شديد، قد لا يكون الطفل الطبيعي مسروراً بتغيير نظام حياته اليومي، لكنه يكون دائماً ميالاً الى التكيّف.
-10 يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من مزاج متطرف، فقد يظهرون عدوانية شديدة تجاه الآخرين أو حتى تجاه أنفسهم ويمكن أيضاً ان تكون استجاباتهم مفرطة في النشاط أو مفرطة في السلبية.
علاج مرض التوحد
لا يوجد علاج شاف للتَّوَحُّد أو الذاتوية، ولكن هناك معالجات للحد من أعراضه، ولكل حالة أسلوب لمعالجتها، ويمكن ان تكون معالجة طفل مصاب بالتوحد مختلفة كثيراً عن معالجة طفل آخر مصاب بالتوحد، كما ان المعالجات تتغير أيضاً وتتطور بشكل مستمر.
وحتى يومنا هذا لا يتوفر علاج واحد ملائم لكل المصابين بنفس المقدار، وفي الحقيقة فان تشكيلة العلاجات المتاحة لمرضى التوحد والتي يمكن اعتمادها في البيت او في المدرسة هي متنوعة ومتعددة جدا على نحو مثير للذهول.
وبإمكان الطبيب المعالج المساعدة في ايجاد الموارد المتوفرة في منطقة السكن والتي يمكنها ان تشكل ادوات مساعدة في العمل مع الطفل مريض التوحد.
وتشمل امكانيات علاج التوحد:
< العلاج السلوكي (Behavioral Therapy).
< علاجات أمراض النطق واللغة (Speech - language pathology).
< العلاج السمعي وهو محاولة للتأثير على نوعية السمع لدى الطفل وتركيزه والطفل هنا لا يشكو من مشكلة سمعية.
< العلاج بالاسترخاء والموسيقى وهو محاولة لارخاء عضلات الطفل وادخال الموسيقى كمؤثر خارجي على تركيز الطفل.
< العلاج التربوي – التعليمي.
< دور الأسرة: ان وضع برنامج للمتابعة من الوالدين يعطي نتائج أفضل في المدرسة، ولا يلقي العبء بأكمله على المدرسة ولكنهما يصبحان المكملين الأساسيين لبرنامج المدرسة الخاص ويسمح لهما بالمشاركة في تطوير ونمو طفلهم وهذا يعطيهم الحافز والمشجع للعمل والاستمرار خاصة اذا تم التعاون والتشجيع لمعلمة الفصل.
< العلاج الدوائي (من اجل تخفيف بعض الاعراض) ويستعمل لتخفيف حالات النشاط المفرط لدى البعض أو الاكتئاب والخمول لدى البعض الآخر وهو ليس بعلاج للتوحد نفسه بقدر ما هو محاولات لتنشيط مراكز أخرى في الدماغ ولم يعط هذا العلاج نتائج يمكن الاعتماد عليها وان استعمل لابد من متابعة دقيقة من الطبيب لئلا يكون هناك آثار جانبية.
< العلاجات البديلة، نظرا لكون مرض التوحد حالة صعبة جدا ومستعصية ليس لها علاج شاف، يلجأ العديد من الاهالي الى الحلول التي يقدمها الطب البديل (Alternative medicine).ورغم ان بعض العائلات افادت بانها حققت نتائج ايجابية بعد علاج التوحد بواسطة نظام غذائي خاص وعلاجات بديلة اخرى، الا ان الباحثين لا يستطيعون تأكيد، او نفي، نجاح هذه العلاجات المتنوعة على مرضى التوحد.
اليوم العالمي للتوحد
يحتفل العالم في كل عام باليوم العالمي للتوحد والذي يصادف الثاني من أبريل، وتمت تسميته من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بنهاية عام 2007، وهو أول يوم عالمي يخصص لمرض التوحد، ويهدف الى التعريف بالمرض، ودعوة الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة ذات الصلة والمنظمات الدولية الأخرى ومؤسسات المجتمع المدني الى نشر الوعي العام بهذا المرض، حيث اعتمد الثاني من ابريل من كل عام يوما عالميا للتوحد.
ولا يقتصر الهدف من الاحتفال باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد على ايجاد فهم لهذا المرض، وانما يشكل الاحتفال دعوة الى العمل وحث جميع الأطراف المعنية على المشاركة في تعزيز التقدم عن طريق دعم برامج التعليم، وفرص العمل، وغير ذلك من تدابير تساعد على تحقيق رؤية مشتركة لعالم أكثر انفتاحا على الجميع.
وقد حرصت الأمم المتحدة طوال تاريخها على تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة ورفاههم، بمن فيهم الأطفال ذوو الاعاقات النمائية، وفي عام 2008 دخلت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة حيز التنفيذ مجددة بذلك التأكيد على المبدأ الأساسي لحق الجميع في التمتع الكامل بحقوق الانسان العالمية.
وحددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 62/139، المؤرخ في 26 مارس عام 2008 يوم 2 ابريل بوصفه اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد لتسليط الضوء على الحاجة الى تحسين حياة الاطفال والبالغين الذين يعانون من هذا المرض بما يكفل لهم التنعم بحياة كريمة على أكمل وجه فالتوحد مرضٌ لا يقتصر على منطقة دون أخرى ولا على بلد دون آخر، بل هو تحدٍّ عالمي يتطلب اجراء عالمياً.
والغاية من الاحتفال السنوي باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد هي تشجيع مثل هذا العمل وتوجيه الانتباه الى ما يعانيه الأفراد المصابون بمرض التوحد وذووهم من سوء المعاملة والتمييز والعزلة مما لا يمكن القبول به، وعلى نحو ما أبرزته الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، فان الناس المصابين بمرض التوحد هم مواطنون متساوون ينبغي ان يتمتعوا بجميع حقوق الانسان والحريات الأساسية.
مرضانا والقانون
الكويت سباقة في العديد من المجالات الانسانية وخاصة في مجال خدمة الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وكان آخرها اصدار قانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والذي أتى بعد فترة طويلة من المطالبات، كما ان الكويت لديها الكثير من المؤسسات التي تخدم المعاقين فهي قدوة لكل دول مجلس التعاون في هذا المجال.
والكويت من اكثر الدول الخليجية المتابعة والمفعلة للقوانين التي تخص ذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك العديد من المؤسسات والجمعيات التي تساهم بدور كبير في حل مشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى رأسهم مرضى التوحد والذين يتراوح عدد المصابين ما بين 2000 الى 2500 حالة تقريبا وذلك تبعا للنسبة العالمية حيث لا توجد احصائية رسمية من وزارة الصحة عن عدد المصابين بالتوحد في الكويت.
ونظرا لخطورة هذا المرض على الاطفال فقد تم انشاء العديد من الجمعيات والهيئات والمراكز التي تعنى بالتوحد وذلك لحث الافراد على التضامن ودعم هذه الفئة المصابة بالتوحد واظهار قضاياهم وحقوقهم على المجتمع، من هذه الهيئات مركز الكويت للتوحد، ومؤسسة ABC، وجمعية التوحد الكويتية.
وتتعاون كافة المؤسسات التعليمية في الكويت لنشر الوعي باعاقة التوحد من خلال اقامة العديد من المحاضرات والحلقات النقاشية اضافة الى توزيع النشرات التعريفية والملصقات وشرائط.
نهج جديد وفعال
يقدم مركز امسيل المتخصص بالعلاج بالخلايا الجذعية الجنينية في مصر نهجا جديدا وفعالا لمعالجة مرض التوحد، ويستند هذا العلاج على قدرة الخلايا الجنينية على التأثير بشكل ايجابي على كل من أجهزة وأنظمة الجسم، هذه الخلايا لديها القدرة على تحسين تدفق الدم والأوكسجين ووصول المواد الغذائية الى الدماغ، وتعمل الخلايا الجذعية الجنينية كبديل لخلايا الجهاز العصبي التالفة وتقوم بتشكيل شعيرات دموية دقيقة في الدماغ.
من أهم ما يستهدف العلاج بالخلايا الجذعية الجنينية الجوانب التالية:
< تعزيز الجهاز المناعي.
< التمثيل الغذائي.
< القدرة على التواصل اللغوي والبصري.
< القدرات العقلية كالتركيز والتفكير والذاكرة.
أما التحسنات المتوقعة من العلاج بالخلايا الجذعية الجنينية فهي:
< تحسين التمثيل الغذائي عند الطفل.
< تحسين التواصل الاجتماعي والبصري.
< تغير السلوك والتخفيف من فرط النشاط الزائد.
< تطوير القدرات اللغوية حيث يبدأ الطفل باصدار أصوات ولفظ كلمات جديدة.
< تطوير المهارات الكتابية.
< التمكن من الاعتناء بالنفس من حيث تبديل الملابس أو الاستحمام وتنظيف الأسنان.
< تنشيط نمو الدماغ عن طريق اعادة تشكيل وصلات جديدة بين خلايا الدماغ وبذلك يتمكن الطفل من بناء اهتمامات جديدة وتعزيز بعض المهارات.
العلاج بالخلايا الجذعية الجنينية هي وسيلة فعالة وآمنة ويمكن للخلايا مساعدة العديد من الأطفال الذين يعانون من اضطراب التوحد بدرجاته المختلفة، لكن العلاج بالخلايا الجذعية الجنينية غير كافي وللحصول على نتائج أفضل يجب على أولياء الامر اتباع خطط معالجة متكاملة كـ:
< اتباع نظام غذائي مناسب.
< العلاج السلوكي.
< العلاج التربوي والتعليمي.
لقد قدم مركز امسيل الذي أنشيء عام 1994 العلاج بالخلايا الجذعية لآلاف الأطفال المصابين بمرض التوحد من مختلف أنحاء العالم.
كيف تكتشف المرض؟
طفلك مصاب بالتوحد هناك اشارات تحذيرية للأبوين تشير بشكل قوي الى حاجة الطفل الفورية للتقييم في عمر ستة أشهر: لا يبتسم الطفل، في عمر تسعة أشهر وهي: لا يستجيب الطفل للأصوات باصدار أصوات مماثلة.وفي عمر 12 شهرا: عدم ظهور لغة الطفل أو الاشارة الى الأشياء أو محاولة الوصول لها أو التلويح.في عمر 16 شهرا: عدم ظهور الكلمات المفردة.و في عمر 24 شهرا: عدم ظهور مقاطع من كلمتين.تبدأ الاعراض بالوضوح أكثر على الطفل عندما يبلغ سن الثانية أو الثالثة من العمر فتظهر عليه تغيرات سلوكية فجائية من صمت تام او صراخ مستمر، واضطراب في المهارات المعرفية واللغوية، نقص التواصل مع المجتمع وعدم القدرة على التخيل والابداع.
ويعاني الاطفال مرضى التوحد من صعوبات في ثلاثة مجالات تطورية اساسية، هي: العلاقات الاجتماعية المتبادلة، اللغة، والسلوك.
ونظرا لاختلاف علامات واعراض مرض التوحد من مريض الى اخر، فمن المرجح ان يتصرف كل واحد من طفلين مختلفين، مع نفس التشخيص الطبي، بطرق مختلفة جدا وان تكون لدى كل منهما مهارات مختلفة كليا.
لكن حالات مرض التوحد شديدة الخطورة تتميز في غالبيتها بعدم القدرة المطلقة على التواصل او على اقامة علاقات متبادلة مع اشخاص اخرين.
وتظهر اعراض التوحد عند الاطفال لدى غالبيتهم في سن الرضاعة بينما قد ينشأ اطفال اخرون ويتطورون بصورة طبيعية تماما خلال الاشهر او السنوات الاولى من حياتهم لكنهم يصبحون فجأة منغلقين على انفسهم عدائيين او يفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها حتى تلك اللحظة.
وعلى الرغم من ان كل طفل يعاني من اعراض مرض التوحد يظهر طباعا وانماطا خاصة به، الا ان هناك مميزات اكثر شيوعا منها:
المهارات الاجتماعية
- لا يستجيب لمناداة اسمه.
- لا يكثر من الاتصال البصري المباشر.
- غالبا ما يبدو انه لا يسمع محدثه.
- يرفض العناق او ينكمش على نفسه.
- يبدو انه لا يدرك مشاعر واحاسيس الاخرين.
- يبدو انه يحب ان يلعب وحده، يتقوقع في عالمه الشخصي الخاص به.
المهارات اللغوية
- يبدا الكلام (نطق الكلمات) في سن متاخرة مقارنة بالاطفال الآخرين.
- يفقد القدرة على قول كلمات او جمل معينة كان يعرفها في السابق.
- يقيم اتصالا بصريا حينما يريد شيئا ما.
- يتحدث بصوت غريب او بنبرات وايقاعات مختلفة، يتكلم باستعمال صوت غنائي، وتيري او بصوت يشبه صوت الانسان الالي (الروبوت).
- لا يستطيع المبادرة الى محادثة او الاستمرار في محادثة قائمة.
- قد يكرر كلمات، عبارات او مصطلحات، لكنه لا يعرف كيفية استعمالها السلوك.
- ينفذ حركات متكررة مثل، الاهتزاز، والدوران في دوائر او التلويح باليدين.
- ينمي عادات وطقوسا يكررها دائما.
- يفقد سكينته لدى حصول اي تغير، حتى التغيير الابسط او الاصغر، في هذه العادات او في الطقوس.
- دائم الحركة.
- يصاب بالذهول والانبهار من اجزاء معينة من الاغراض، مثل دوران عجل في سيارة لعبة.
- شديد الحساسية، بشكل مبالغ فيه، للضوء، للصوت او للمس، لكنه غير قادر على الاحساس بالالم.
افتراضات كثيرة ولكن..!
حاول العلماء منذ زمن طويل البحث عن أسباب اصابة الأطفال بهذا الاضطراب، ودرسوا الظروف العائلية وصفات الوالدين وطريقة التربية وظروف الحمل وظروف الولادة وتناول الأدوية، وأجروا أيضا فحوصات للدماغ والجهاز العصبي والغدد وغيرها للبحث عن سبب يمكن ربطه بهذا المرض فلم يتوصلوا الى شيء له علاقة، وكل ما يقال عن هذا المرض هو مجرد افتراضات لم تثبت صحتها.
وليس هنالك عامل واحد ووحيد معروفا باعتباره المسبب المؤكد، بشكل قاطع لمرض التوحد، ومع الاخذ بالاعتبار تعقيد المرض، ومدى الاضطرابات التوحدية وحقيقة انعدام التطابق بين حالتين توحديتين اي بين طفلين ذاتويين، فمن المرجح وجود عوامل عديدة لأسباب مرض التوحد نذكر منها:
- اعتلالات وراثية: اكتشف الباحثون وجود عدة جينات (مورثات) يرجح ان لها دورا في التسبب بالذاتوية، بعض هذه الجينات يجعل الطفل اكثر عرضة للاصابة بهذا الاضطراب، بينما يؤثر بعضها الآخر في نمو الدماغ وتطوره وعلى طريقة اتصال خلايا الدماغ في ما بينها، ومن الممكن ان جينات اضافية اخرى تحدد درجة خطورة الامراض وحدتها.
وقد يكون اي خلل وراثي في حد ذاته وبمفرده مسؤولا عن عدد من حالات الذاتوية لكن يبدو في نظرة شمولية ان للجينات بصفة عامة تأثيرا مركزيا بل حاسما على اضطراب الذاتوية. وقد تنتقل بعض الاعتلالات الوراثية وراثيا (موروثة) بينما قد تظهر اخرى غيرها بشكل تلقائي.
- عوامل بيئية: جزء كبير من المشاكل الصحية هي نتيجة لعوامل وراثية وعوامل بيئية مجتمعة معا، وقد يكون هذا صحيحا في حالة الذاتوية ايضا ويفحص الباحثون في الآونة الاخيرة، احتمال ان تكون عدوى فيروسية او تلويثا بيئيا (تلوث الهواء تحديدا)، على سبيل المثال عاملا محفزا لنشوء وظهور مرض التوحد.
- جنس الطفل: اظهرت الابحاث ان احتمال اصابة الاطفال الذكور بالذاتوية هو اكبر بثلاثة الى اربعة اضعاف من احتمال اصابة الاناث.
- التاريخ العائلي: العائلات التي لديها طفل من مرضى التوحد، لديها احتمال اكبر لولادة طفل آخر مصاب بالمرض. ومن الامور المعروفة والشائعة هو ان الوالدين او الاقارب الذين لديهم طفل من مرضى التوحد يعانون هم انفسهم من اضطرابات معينة في بعض المهارات النمائية او التطورية، او حتى من سلوكيات ذاتوية معينة.
- سن الوالد: يميل الباحثون الى الاعتقاد بأن الابوة في سن متأخرة قد تزيد من احتمال الاصابة بالتوحد حيث اظهر بحث شامل جدا ان الاطفال المولودين لرجال فوق سن الاربعين عاما هم اكثر عرضة للاصابة بالتوحد بـ6 اضعاف من الاطفال المولودين لآباء تحت سن الثلاثين عاما، ويظهر من البحث ان لسن الام تأثيرا هامشيا على احتمال الاصابة بالمرض.
- اضطرابات اخرى: الاطفال الذين يعانون مشاكل طبية معينة هم اكثر عرضة للاصابة به.
- عوامل اخرى: ثمة عوامل اخرى، ايضا، تخضع للبحث والدراسة في الآونة الاخيرة، تشمل: مشاكل اثناء مخاض الولادة او خلال الولادة نفسها، ودور الجهاز المناعي في كل ما يخص التوحد، ويعتقد بعض الباحثين بأن ضررا (اصابة) في اللوزة وهي جزء من الدماغ يعمل ككاشف لحالات الخطر هو احد العوامل لتحفيز ظهور مرض التوحد.
مراكز كويتية.. ومشاكل آنية
يوجد في الكويت بعض مراكز تأهيل وعلاج أطفال التوحد ولعل من أبرزها مركز الكويت للتوحد الذي أسس عام 1994، كأحد مشاريع الامانة العامة للاوقاف، وبالتعاون مع وزارة التربية وأهل الخير، وتم افتتاح المبنى الجديد في 12 يناير 2011 ووصل عدد الذين يستفيدون من خدماته الآن الى أكثر من 500 تلميد وتلميذة.
وبالاضافة الى مركز الكويت للتوحد هنالك مركز «ABC» ويتبنى طريقة مختلفة في علاج مرضى التوحد، وقد بدأ المركز بعلاج وتأهيل ستة أطفال من مرضى التوحد واليوم يقوم بعلاج 36 طفلا.
ويقول القائمون عليه انه المركز الأول والوحيد في الكويت الذي يتبنى طريقة العلاج المعروفة باسم (Applied Behavior Analysis علاج التحليل السلوكي)، ووفقا للدراسات فقد أثبت ان طريقة العلاج هذه فعالة جدا في حالة ان يتلقاها الطفل وهو لم يتجاوز بعد الخمس سنوات.
وتقول مؤسسة «ABC» هذر بوش: ان %50 من الأطفال الذين يتلقون العلاج بالطريقة المذكورة يصعب تفريقهم عن أمثالهم ممن لا يعانون من مرض التوحد، أي أنه بعد وقت من تلقيهم للعلاج تصبح حالاتهم مستقرة وأقرب للطبيعية فلا يستطيع أحد معرفة أنهم كانوا مرضى توحد.
الا ان طريقة علاج التحليل السلوكي مكلفة، فالمعالجون جميعهم خبراء جاءوا من اوربا وأمريكا، كما ان كل معالج يتعامل مع طفل واحد فقط، والحكومة لا تقوم بمساعدة الأهل في مصاريف علاج طفلهم.
والملاحظ ان هناك بعض الأهالي مازالوا يحاولون ألا يعلم أحد عن اصابة نجلهم بهذا المرض، وكأن التوحد بمنزلة وصمة عار على الأهل، ولكن اخفاء الموضوع يزيد الأمر تعقيدا ولا يساعد الطفل مطلقا.
بالاضافة الى ان العديد من المدارس الخاصة في الكويت التي تفتح جزءا منها لعلاج الطلبة من ذوي الحالات الخاصة لا يقبلون الأطفال من مرضى التوحد لأن مدارسهم ليست مخصصة لهذا النوع من الاعاقة.
فالمشكلة في ان المجتمع مازال يتعامل معهم كمرضى، وأكبر دليل على هذا هو ما نراه من رفض مدارس الكويت لقبول الأطفال المتوحدين بحجة أنهم يوما ما تم تشخيصهم بهذا المرض، فحتى مدارس الحالات الخاصة ترفض قبول هؤلاء الطلاب، ولا يجد أطفال التوحد مدارس تقبلهم سوى مدارس الحالات الخاصة التي تكون فيها الحالات متقدمة لا تناسب حالة الطفل المتوحد، وهي مشكلة كبيرة يجب على المسؤولين ان يعملوا لايجاد حل لها.
جمعية أولياء الأمور
بدأت فكرة انشاء الجمعية تراود مجموعة من أولياء الأمور والمهتمين بتعليم الأطفال المصابين بالتوحد وذلك بغرض دعم جهود مركز الكويت للتوحد والذي أسس عام 1994م بدعم من الأمانة العامة للأوقاف ووزارة التربية وأهل الخير الكرام لتأهيل الأفراد المصابين باعاقة التوحد وكذلك جهود المؤسسات الأخرى بغرض تقديم أفضل الخدمات التربوية والاجتماعية لهذه الفئة.
والجمعية بصفتها إحدى المؤسسات في المجتمع تسعى الى تطوير الخدمات للمعاقين باصابة التوحد مع تنسيق الجهود مع المؤسسات الأخرى العاملة في هذا المجال.
دراسات وبحوث
والغاية من انشاء الجمعية هي دعم العمل التطوعي في المجتمع الكويتي بكافة أنواعه وخاصة في مجال التوحد وذلك بتقديم الدراسات والبحوث في مجال التوحد وتشجيع وتدريب العاملين والمختصين بتأهيل الأطفال التوحديين والمساهمة في توفير الجهاز التعليمي الكويتي المختص والمؤهل لخدمة هذه الفئة داخل الكويت وتقديم برامج تدريبية للأسر لمساعدتها على مواجهة الصعوبات السلوكية لدى الطفل المصاب بالتوحد.
والتعاون مع الجهات المختصة في دعم برامج التقييم والتشخيص المبكر لهؤلاء الأطفال مما يعطي فرصة أكثر للتدخل المبكر معهم والبرامج التي يحتاجونها في مراحل العمر المختلفة واجراء الأبحاث الطبية لخدمة المصابين بالتوحد بالتعاون مع كلية الطب والجهات المتخصصة العالمية.
وتهدف جميعة أولياء امور الاطفال المصابين بالتوحد الى:
- عقد المؤتمرات والندوات التثقيفية الاعلامية لنشر الوعي في المجتمع عن التوحد.
- دعم العمل التطوعي بكافة أنواعه في المجتمع الكويتي.
- تنظيم وتقديم ندوات ومحاضرات وورش عمل لأولياء الأمور ببداية المرض وعوارضه.
- اجراء الأبحاث الطبية لخدمة مرض التوحد وذلك بالتعاون مع كلية الطب.
- تقديم الدراسات والبحوث في مجال التوحد ونشرها.
- تدريب العاملين والمختصين بتأهيل الأطفال المصابين بالتوحد لرفع مستوى كفاءاتهم.
- توفير الهيئة التعليمية الكويتية لخدمة هذه الفئة داخل الكويت.
- تقديم برامج تدريبية للأسر لمساعدتها على مواجهة الصعوبات السلوكية لدى الطفل.
-اصدار مجلة علمية متخصصة تساهم في نشر الوعي بالتوحد.
- نشر العديد من المؤلفات والترجمات الخاصة بموضوع التوحد وضعف التواصل.
- انشاء برنامج وأنشطة متخصصة لرعاية الأطفال المصابين بالتوحد بأحدث الأساليب والتقنيات المستخدمة عالمياً.
ان الاطفال التوحديين هم بشر مثلنا لهم احاسيسهم ومشاعرهم يعيشون بيننا وحولنا وهم يحتاجون منا الى المساعدة والدعم وان نقدم لهم ما يحتاجون اليه حتى تتحسن حالاتهم ولا تجب معاملتهم كصفقة تجارية بل كانسان له حقوق تجب تأديتها.
المصادر:
- موقع ويب طب.
- الموسوعة الحرة «ويكيبيديا».
- موقع مركز الكويت للتوحد.
- موقع آراء.
- موقع موسوعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العربية للمحتوى الصحي.
- موقع مركز امسيل للخلايا الجذعية