اعتبرت مديرة ومؤسسة مركز الكويت للتوحد د. سميرة السعد أن الكويت من الدول السبّاقة في مجال رعاية وخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام وفئة التوحد على وجه الخصوص، مشددة على تغير النظرة السلبية لدى المجتمع الكويتي حول مختلف الإعاقات بما فيها التوحد، فضلاً عن نمو الوعي الثقافي والمجتمعي، الأمر الذي أدى إلى حدوث طفرة في عالم التوحد على حد قولها مقارنة بالأعوام السابقة، مدللة على ذلك بوجود أول مركز إقليمي متخصص في الشرق الأوسط لهذه الفئة، فضلاً عن فصول الدمج في مدارس التعليم العام والخاص، ناهيك عن توافر الاختصاصيين في هذا المجال.
أوضحت السعد أن التوحد ليس مرضاً، ولكنه إعاقة تطورية تحتاج إلى تدريب من خلال وضع خطة تعليمية لتدريب الطالب، ووضع حلول للسلوكيات الصادرة منه، مشددة على أهمية التدخل المبكر لتحقيق التدريب الفوري والسيطرة على السلوكيات بشكل أكبر.
وذكرت أن مركز الكويت للتوحد يضم 120 طالباً وطالبة مقابل 20 طالباً وطالبة تقريباً في برنامج التدخل المبكر المسائي، والذي يكون 3 أيام في الأسبوع لمدة ساعتين ونصف الساعة، كتهيئة للانتقال للبرنامج التعليمي الصباحي، بالإضافة إلى جانب الخدمات غير مباشرة للراغبين في الاستفادة منها من خارج المركز.
إحصائية
وأشارت السعد إلى عدم وجود إحصائية رسمية حول إجمالي حالات التوحد في البلاد، لافتةً إلى سعي المركز من خلال رابطة التوحد الخليجية، التي تأسست عام 2002، ومقرها الكويت، إلى توفير هذه الإحصائية من خلال محاولة كل دولة خليجية لحصر أعداد حالات التوحد لديها، مضيفة «أما بالنسبة الى الكويت فقد خاطبنا إدارة الإحصاء بإضافة سؤال من خلال الإحصاء حول ما إذا كان لدى الأسرة طفل من الفئات الخاصة أو لا، وبالفعل جرى ذلك من دون تحديد نوع الإعاقة».
الدمج
وأشارت السعد إلى أهمية الدمج التعليمي لذوي الإعاقة بشكل عام مع أقرانهم الأسوياء، واصفة إياها بالخطوة الجيدة، غير أنها تحتاج إلى عاملين متخصصين وتفهم جيد لخصائص هذه الشريحة، سواء من قبل أعضاء الهيئة التدريسية أو أقرانهم من الطلبة الأسوياء، بالإضافة إلى ضرورة وجود مرافق، لافتة إلى أن هذه الطريقة لا يمكن تطبيقها على جميع حالات التوحد، حيث إن ثمة بعض الحالات من هذه الشريحة يصعب دمجها، نظراً الى وجود اختلاف وفروق فردية.
أعمال مهنية
ولفتت إلى حاجة أفراد التوحد إلى الأعمال المهنية والحرفية لتحقيق الدمج (الوظيفي) المرجو، بما يتناسب وظروفهم وقدراتهم، ملمحة إلى تعاون المركز مع إحدى شركات الوقود، بالإضافة إلى الهيئة العامة لشؤون الزراعة لتدريب الطلبة على الزراعة، علاوة على التعاون مع نادي الكويت للفروسية.
وأثنت السعد على التجربة الفريدة التي خاضها 11 شبابّاً من فئة التوحد ممن هم فوق 16 عاماً أخيراً في جزيرة فيلكا لمدة ثلاثة أيام، بهدف تدريبهم على الاندماج مع أقرانهم من الأسوياء ومجموعة من المتطوعين والمشرفين من المركز.
مبنى الشباب
وتحدثت السعد عن المبنى الجديد الخاص بفئة شباب التوحد ممن هم فوق 21 عاماً والكائن بجوار المبنى الحالي في غرب مشرف، حيث أُخذت الموافقة عليه، وهو الآن في مرحلة التصميم، ويضم هذا المبنى ورش عمل كبيرة ومتنوعة لتعليم الطلبة كثيراً من المهارات الحياتية والتعليمية، مثل الطباعة والخشب وتصنيع الورق، فضلاً عن الخزف وورش الخياطة والنول والسدو للفتيات وغير ذلك الكثير.
آلية التعامل
وحول آلية التعامل مع الحالات، أوضحت السعد أن كل الحالات التي تمت مقابلتها بصورة مباشرة أو سمعنا عنها أو قرأنا عنها، هي حالة مختلفة عن الأخرى، ونكنّ لها كل اهتمام واحترام. فدورنا رعايتهم منذ بداية علم الأسرة بالتشخيص حتى الوصول بالطالب الى نتيجة ترضي أسرته وطاقم العمل الذي يعمل معه، للوصول به إلى الاستقلالية والاعتماد على الذات وطاقم العمل مكون من فريق متخصص من اختصاصي نفسي واختصاصي علاج وظيفي واختصاصي نطق وتواصل واختصاصي اجتماعي، بالإضافة إلى استشاريين لديهم خبرة كبيرة بالتعامل مع مختلف السلوكيات.
حلم وحقيقة
واستحضرت د. سميرة السعد بدايات رحلة تأسيس وإنشاء المركز من خلال زيارات مختلفة لدول متقدمة، لديها مراكز ومدارس تخدم الفئات الخاصة، لا سيما التوحّد، حيث أسفرت هذه الزيارات عن كثير من التطور في مجال بناء المنهج التعليمي أو البرنامج التأهيلي وإنشاء فصول المركز الحالي.
خدمات
وأردفت بالقول «بعد ازدياد عدد الطلبة في المركز وتطور الخدمات فيه باتت الحاجة ماسة الى توفير مقر رئيسي لمركز الكويت للتوحد ومبنى متكامل، يساهم في إيصال الخدمة الى طالبيها، لأن المركز يعتبر مركزاً إقليمياً متخصصاً في الوطن العربي، وقد سعى المركز الى الحصول على أرض لإقامة المشروع الجديد منذ عام 1998، وتم الحصول عليها عام 2002، وأصبح حلم كثير من أطفال التوحد وأسرهم والعاملين معهم يتحول إلى حقيقة بدعم من الأمانة العامة للأوقاف والمؤسسات وأهل الخير الكرام، وعلى مساحة 10000 متر مربع، وبحمد الله وفضله، جرى تسلّمه رسمياً عام 2008، حيث تشرفنا باستقبال سمو أمير البلاد وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله، بتكريم المتبرعين المساهمين في بناء المبنى بتاريخ 2011/1/12.
برنامج تشغيل الفئات الخاصة
أكدت السعد على الحرص على تحقيق أحد أهداف المركز وهو إيصال الطالب الى الاستقلالية والاعتماد على النفس واستثمار الطاقات والقدرات لديه بإيجاد مهنة تناسب تلك القدرات وتضمن له حياة كريمة.
وفي هذا الإطار، استعرضت نماذج مشرفة لبعض طلبة المركز الذين يخضعون الى التدريب وتهيئة للعمل في وظائف إدارية أو تدريسية تناسب قدراتهم وطاقاتهم واجتيازهم لمهارات معينة.
دعوة للشباب
دعت السعد أهل الخير الكرام الى العمل معنا في دعم مسيرة الشباب لتحقيق حلمهم الثاني ببناء مبنى الشباب، سواء بالدعاء لهم أو بالتطوع معهم أو التبرع لهم، محققين معاً شعارنا الدائم ولنعمل معاً من أجل مستقبل أفضل للفئات الخاصة في الكويت وفي كل مكان.
مجلة «صرخة صامتة»
هي مجلة متخصصة في إعاقة التوحد والفئات الخاصة تهدف إلى جذب القارئ العربي الى القراءة والثقافة في مجال الفئات الخاصة، حيث صدر عددها التجريبي عام 1997 وتصدر كل شهرين مرة مؤقتاً.
برنامج تدريبي تعليمي
سلطت السعد الضوء على البرنامج التعليمي الصباحي للطلبة، حيث يتم تدريبهم وتعليمهم وفق خطة تعليمية فردية يتم وضعها في ضوء تقييم كل حالة فردية وتتم مراعاة أن تضم الخطة الفردية أنشطة تنمي مهارات الطالب، مشيرة إلى تقييم هذه الخطة بين الفترة والأخرى ومناقشتها مع أسرة الطالب في لقاءات مناقشة الخطة الفردية، حيث يتم إطلاع أسرة الطالب على برنامجه وأنشطته وتطور مهاراته.
وبينت السعد أن البرنامج الصباحي يشمل العديد من الأنشطة، وهو مقسم إلى حصص وفق جدول زمني محدد لكل فصل ويشتمل أيضا على حصص التعليم الفردي والعمل الجماعي.
تأهيل معلمي التوحد
لفتت السعد إلى أن أعضاء الهيئة التدريسية من المعلمين والإداريين العاملين في مجالات التوحد يخضعون لتدريب سنوي مكثف لمدة عشرة أيام من دون وجود الطلبة، لإعادة التدريب على المهارات وكيفية تطبيق الخطة الفردية للطالب والتدريب على الإسعافات الأولية.
كما أن المركز يقوم بتنظيم دورات تدريبية للعمالة المنزلية (الخادمات والسواق) لتدريبهم على المهارات الأساسية حول كيفية التعامل مع حالات التوحد.