لم تمنعه “إعاقته” أن يكون فعالًا في مجتمعه، ومؤديًا لدوره الذي يضطلع به الأصحاء، حيث قدم برنامج “أرامكو” الثقافي 2014 “إثراء المعرفة” بمنتزه الملك عبد الله البيئي بالأحساء، جميع الإمكانيات لدعم هذه الفئة الغالية، وتسهيل الممرات للتنقل بين معارض البرنامج.
“سلطان الراشد” البالغ من العمر 34 عاما من ذوي الاحتياجات الخاصة “شلل نصفي”، وأحد أبرز متطوعي البرنامج الذين يحرصون يوميا على الحضور، أكد أن هدفه من التطوع هو التعرف على الزوار، كي يثبت للعالم بأنه يستطيع العمل، وليس عاجزًا أن يكون في صفوف المتطوعين في البرنامج، مضيفًا “إنني جدير بالمكان الذي اختارته لي اللجنة المنظمة، وكلي ثقة بأني سأقوم بعملي على أكمل وجه”.
في ساحة الأطفال يقضي “الراشد” وقته بالعمل في التنظيم، وله تواصل إيجابي مع المركز الإعلامي للبرنامج، حيث أكد أنه لا يجد الاهتمام المنشود بذوي الاحتياجات الخاصة “إلا القليل فقط منهم”، أما هو فقد كسر هذه القاعدة، وارتكز على الكفاح والأمل ليقضي عمله في تنظيم ساحة الأطفال، وليستمد أمله وقوته منهم.
وذكر “الراشد” أنه لم يتردد أبدا في خوض هذه التجربة الممتعة، بل كانت هذه تجربته الثانية على التوالي، ففي كل يوم يلتمس تشجيع وتحفيز المارة له، وفي كل يوم يأتي فيه سلطان يثبت للمارة، بأن العمل التطوعي ليس فقط للأصحاء بل لجميع الناس، وأنه يستمتع بتأدية ما يطلب منه من تنظيم وإسعاد الأطفال، وعندما تصبح الإعاقة طريقا للتحدي يصبح كسر المستحيل أمرا محتوما، لذلك لقي تشجيعًا كبيرًا ممن هم حوله في مواصلة كسر الصعاب، والاستمرار في شتى الأعمال وعدم إعطاء اليأس أي مكان في حياته، وأثبت أن الإعاقة ليست حاجزا، إنما حافزا على إعطاء كل ما لدينا من عطاء وطاقة.
ومن جانبه، أشار مدير البرنامج عمر بدر، أن البرنامج يستهدف جميع الفئات العمرية، خلال الفترة من الرابعة عصرا حتى العاشرة مساءً، وفي الفترة الصباحية يتم استقبال أكثر من 1000 طالب يوميا من 20 مدرسة، بالتنسيق مع إدارة التربية والتعليم بالأحساء، بالإضافة لاستقبال الوفود من الجهات الحكومية، ومع وجود فعاليات لكل فئة تتوزع بين المتعة والمعرفة من خلال برنامج مدروس، تختلف فعالياته كي لا يشعر الزائر بالملل، حينما يكرر زيارته للبرنامج، وهذه المتعة التي يعيشها وتدفعه إلى تكرار الزيارة، فيتنقل بين الساحة والمخيمات، التي أعدتها إدارة البرنامج، فيتلقى المعلومة المفيدة والمتعة مع أسرته، وإذا خرج إلى ساحة المنتزه وجد الفنون الشعبية، متمثلة في فرقة “شعبيات”، التي تقدم العرضة النجدية والخليجية في توائم بين اللحن والكلمة والموسيقى مع أداء الحركات الإيقاعية في مشهد فلكلوري، يسعد به كل أفراد الأسرة، والفرقة اللبنانية التي تقدم فنونها عبر التنقل في ساحة البرنامج بصورة تسعد الجميع.
وعلى الجانب الآخر، أشار الزائر صالح السلطان إلى الزيارة الرابعة له ولأسرته للمهرجان، والسبب في ذلك ما يقدمه البرنامج من معلومات بصورة شيقة وترفيهية، كما أشادت والدة صالح بأن الخدمات المقدمة في البرنامج تشعر الزائر بالراحة والمتعة من خلال الجلسات والمطاعم والمقاهي، التي تلبي رغبات الجميع.
وبين حنايا معرض واحة الأجيال، تكمن موهبة علي العيسى المختلفة عن المعتاد في المجتمع، وهو شاب في العشرين من عمره، وجد نفسه في فن جديد يدمج بين التقنية، “الجرافيك” الذي تعرف عليه منذ نعومة أظفاره، حين كان في أوائل المرحلة المتوسطة فأخذ بيده معلم فلسطيني، ووضع قدمه على أولى خطوات تعريفه بهذا الفن، الذي شد انتباه الجميع بنبوغه في فن الجرافيك، ووجد ضالته من خلال ركن قهوة الفن وورشة الفنون التشكيلية بواحة الأجيال، أما عن لقائه الأول بهذا الفن فقد بدأ بمعرفة فن الجرافيك، وهو في بداية المرحلة المتوسطة، بل قام والده بدعمه لتعلم هذا الفن، ويعد “العيسى” إحدى ثمار برنامج “إثراء المعرفة” من اكتشاف المواهب، وتبنيها وصقل موهبتها بالتشجيع وتوفير الإمكانات، فتنقل علي في خيمة واحة الأجيال التي وجد فيها مراده، وأعجب الحاضرين بأعماله الفنية، وقدرته الفائقة في فن الجرافيك، ويعتبر وجوده في البرنامج فرصة ذهبية لصقل موهبته، والإعلان عنها أمام المختصين من أصحاب الخبرة، الذين يأخذون بيده ويرشدونه للنبوغ في هذا المجال.