0 تعليق
1191 المشاهدات

الكفيف والوعي الاجتماعي بقلم : منى العازمي



 

لقد تنوّع البشر شكلاً ونوعاً وخلقاً، وطبعاً، تفاوتوا في الشكل؛ فمنهم الجميل، ومنهم المتوسط، ومنهم القبيح. وتفاوتوا في الطبع؛ فمنهم الاجتماعي والانطوائي، والكريم والبخيل، والطيب، والقاسي.. إلخ. وتفاوتوا في الخلق؛ فمنهم من اكتملت حواسه، ومنهم من نقصته حاسة أو حاستان أو أكثر، ورغم المادة التي تكون منها البشر، فإنهم مختلفون على الإطلاق، حتى لو خرجوا من بطن واحد. ومن أصناف البشر ذلك الصنف الذي يفتقر إلى حاسة البصر، أو كما يُسمّون المكفوفين أو المعاقين بصرياً.
إن الشخص الكفيف عند البعض شخص خارق للعادة، لديه طاقات غير موجودة في باقي البشر، وعند آخرين هو شخص ضعيف، مسكين، يحتاج إلى مادة الشفقة والعطف، ولهذا نجد التعامل معه مختلفاً باختلاف النظرة إليه. إذاً، فالكفيف واحد والنظرات إليه متعددة.
وعن حقيقة الكفيف ووضعه، فهو إنسان طبيعي يمتلك ما يمتلكه السوي من قدرات عقلية، فمنهم حاد الذكاء، ومنهم متوسطه، ومنهم ضعيفه.
والذكاء كما يعلم الجميع لا ينحصر في مجال واحد، بل يتعداه إلى جميع مجالات الحياة، فهناك الذكاء الاجتماعي والثقافي والتكنولوجي والعاطفي، والتجاري وغير ذلك. ولا شك في أن الذكاء عند الكفيف يتعدد بتعدد أنواع الذكاء الموجودة. فنجد منهم الذكي ثقافيا، الفاشل اجتماعيا، والعكس. إذاً، ما نريد الوصول إليه هو أن المكفوفين مختلفون في درجات الذكاء وأنواعه.
وليس الذكاء وحده ما يتحكّم في مصير الكفيف، وليس وحده الذكاء محط المقارنة بين الكفيف وغيره. إن بيئة الكفيف المحيطة به لها الدور الأكبر في تنشئة الكفيف وتنميته اجتماعيا وثقافيا، ويخضع تأثير البيئة في الكفيف لعاملين أساسين، هما: مدى تقبل الأسرة للطفل الكفيف، وترتيب الكفيف في الأسرة ووضعه.
أما بالنسبة إلى تقبّل الأسرة طفلها الكفيف فهذا عليه العبء الأكبر في تنمية الكفيف وتنشئته، فبعض الأسر ترفض وجود طفل كفيف بين أفرادها، ربما خشية من نظرة الناس إليها، الأمر الذي تعتقد أنه سبب رئيس يؤدي بها إلى النقص، وربما إلى تخوّفها من أعبائه واعتقادها بصعوبة التعامل معه، وربما لقسوتها ورفضها التسليم بقضاء الله وقدره، والتقبّل أنواع، تتحكم فيه ثقافة الأسرة، بعض الأسر تتقبل الكفيف، لكونه وسيلة تبتغي من ورائها الأجر، فتراها لا تكلفه بأعمال يقوم بها، ولا تجعل له دوراً في الأسرة، وتوكل أمره إلى الأسوياء من الأسرة، وكأنه كائن له حقوق، وليس عليه واجبات.
وأما عن النوع الثاني من الأسر المتقبلة للكفيف، فهو يتعامل مع الكفيف على أنه إنسان عاقل قد يعوض بمواهبه الأخرى فقدان حاسة البصر، فأوكل هذا النوع إليه مهام، شأنه شأن أي فرد في الأسرة، متجاهلاً إعاقته البصرية، مؤمناً بأنه إنسان عاقل قادر على التصرّف، يعاقبه عند الخطأ ويشجعه على الصواب، ويعلمه تفاصيل الحياة التي يعيش فيها، وحال كف البصر عن رؤيته إياها.
إن هذا النوع من الأسر هو المنبع الصالح والصحيح لتنشئة الكفيف، فهو بذلك يبني عضواً فعالاً في المجتمع، قادراً على العطاء، وتحمّل المسؤولية.

 

 

بقلم :
منى العازمي

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3748 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4120 0
خالد العرافة
2017/07/05 4665 0