تقدير.. ولكن
وأردف بالقول: على الرغم من تقديري لجهود المعلمين العرب وما بذلوه، فإنهم لم يصلوا بأي حال إلى تفاعل حقيقي مع الطالب الكويتي مثل المعلمين الوطنيين، لافتا إلى أن الوزارة وضعت عقب التحرير برامج تأهيل المعلمين، بحيث يتم ابتعاثهم إلى الولايات المتحدة أثناء العطلة الصيفية لمدة شهرية في دورات تدريبية مقننة لتعليم الصم ومعرفة تكنولوجيا تعليم الصم والتربية الفكرية، ولكن ـــ للأسف ـــ تم إيقاف هذه الدورات، على الرغم من أهميتها، وحُرم المعلمون من فرصة الارتقاء بطرق تدريسهم وتطوير مناهجهم واستنباط تقنيات تربوية تعينهم على إيصال المعلومة التربوية الى الطلبة.
الدمج التعليمي
وأيّد الصالح الاتجاه العالمي الذي ينادي بدمج ذوي الاحتياجات الخاصة بمدارس التعليم العام من دون عزلهم وتمييزهم، معتبرا أنها ضرورة ملحة، كما تجب مواءمة المبنى المدرسي من حيث تهيئة بعض المدارس في كل منطقة تعليمية، من خلال تزويدها بجميع الأدوات والوسائل التعليمية والمرافق التي تخدم طلبة ذوي الاعاقة من جميع الشرائح، وتراعي احتياجاتهم، مثل الأرصفة والمصاعد الخاصة لذوي الاعاقة الحركية، وكذلك الإشارات الصوتية للصم والنقطية للمكفوفين بطريقة برايل.
كما نادى بمواءمة المناهج الدراسية وطرق التقويم (الامتحانات)، بحيث تراعي خصائص ذوي الاحتياجات الخاصة بتشكيل لجان خاصة للتقويم وتصميم وسائل تعليمية ملائمة، رافضاً فتح مراكز جديدة لذوي الاحتياجات الخاصة، ما عدا ذوي الاعاقة الذهنية الذين يخضعون لبرامج التأهيل المهني فقط.
حقوق وظيفية
وبالحديث عن الحقوق الوظيفية لذوي الاعاقة، قال الصالح إن حمَلة دبلوم التربية الخاصة (التأهيل المهني) بالنسبة الى جميع الإعاقات متساوون في التعيين (التوظيف المحدود) مع خريجي الثانوية العامة على الدرجة السابعة، ما عدا المكفوفين، نظرا الى سلمهم التعليمي اللامحدود، فالعديد منهم اجتاز الثانوية، بل تفوّقوا، ونالوا إجازات جامعية بتخصصات أدبية، والكثير منهم من حملة الدراسات العليا، مبينا أن المكفوفين متساوون من حيث التعليم والابتعاث في البعثات الدراسية للحصول على درجات علمية عليا، ولكن في إطار التخصّصات الأدبية والعلوم الانسانية فقط، بخلاف بعض الدول الأوروبية التي تفتح المجال للكفيف في أن يتخصص في التخصصات العلمية والهندسية.
مشاكل الصم
وعرج بالحديث عن أبرز المشاكل التي تواجه الصم، منها لغة الإشارة الكويتية، حيث كل مجتمع إقليمي له لغته الخاصة به، معتبرا أن مجتمع الصم أنفسهم وأسرهم هم المصدر الرئيسي للغة الإشارة الخاصة بهم.
وزاد بالقول: لقد حرصنا عندما وضعنا قاموس اللغة الإشارية الكويتية الشاملة على أن يتم تعميمها عن طريق اللجنة الوطنية الكويتية لــ «اليونيسكو»، حيث عمل أمينها العام في ذلك الوقت على تعميمها في المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم وعلى المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم (سيسكو)، وكذلك على المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليسكو)، حيث لاقت تجاوبا وتفاعلا، خصوصا من دول مجلس التعاون الخليجي، في مقدمتها البحرين، لافتاً إلى مشكلة تعليمية تواجه هذه الشريحة، حيث لا يحصل منهم على الثانوية العامة مثل مدارس الثانوية الأخرى، على الرغم من أن مدرسة الأمل للصم في مدارس التربية الخاصة طبّقت عليها مناهج التعليم العام.
مثالب في القانون..!
وعن تقييمه قانون المعاقين الجديد 8 لسنة 2010، قال الصالح: «على الرغم من المزايا التي وضعت في هذا القانون، فإن هناك مثالبَ كبيرةً، وقد يجوز أن تكون الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة بريئة منها، لأن هذه التراكمات نتاج عشرة أعوام، ولعل أخطرها منح تقارير حقيقة لبعض الأفراد تفيد بإعاقاتهم، وبالتالي استحقاقهم جميع الامتيازات التي وردت بقانون 49 لعام 1996، بشأن رعاية ذوي الاعاقة وإنشاء المجلس الأعلى لشؤون ذوي الاعاقة، وهم في الحقيقة مدَّعو الإعاقة وسارقو المال العام، متسائلاً، بأسف: كيف تسمح لهم أنفسهم بأن ينكروا نعمة الله تعالى عليهم في الصحة، ويرتكبوا جرماً بحق وطنهم، ويغتصبوا أموالاً مخصصة لشرائح من المواطنين أحق منهم في الرعاية؟!
ورأى أن قانون ذوي الاعاقة لم يصدر إلا لتوفير أرقى الخدمات لهذه الشريحة، وحفاظا على حقوقهم كمواطنين مثل غيرهم من دون فضل أو منة، معتبرا أن الوطنية لا تُجزأ، والحقوق لا تفضل على فئات معينة دون أخرى.
لصوص المال العام..
وتابع بالقول: وبعد صدور قانون الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة رقم 8 لعام 2010 ـــ وفق علمي وقربي من بعض العاملين ـــ كان هاجسهم الأول محاربة هؤلاء الأفراد وفضحهم.
هيئة الإعاقة والتعامل مع المراجعين
تطرق الصالح إلى أداء هيئة الإعاقة، لافتا إلى وجود ظلم في المقر في بداية العمل سواء كان في مبنى الهيئة أو المجلس (كما كان يطلق عليه سابقا)، حيث ذاك المبنى لم يكن يليق بالاثنين من حيث المرافق والموقع.
وفي ما يتعلق بالعاملين، فالكثير منهم يتمتعون بحس إنساني رفيع ويتحملون انفعالات ذوي الاعاقة وأولياء أمورهم وهو ما لمسته، في حين قلة منهم لا تجيد التعامل معهم وهؤلاء من السهل استبدالهم إداريا بمن هم أفضل منهم، مشددا على ضرورة أن يتحرى المسؤولون الدقة في دراسة المشاكل الانفعالية والإساءة لذوي الاحتياجات الخاصة وحلها بحزم والاستغناء عن الموظف المعيق بالدولة.
تدرج وظيفي
تحدث الصالح عن بداية مسيرته مع مدارس التربية الخاصة، حيث التحق بهذا القطاع في سبتمبر 1969 وفي ذلك الوقت انتقل من التعليم العام إلى التربية الخاصة وتم ابتعاثه الى مصر للتخصص في مجال التربية الخاصة حيث كانت هناك ثلاثة تخصصات وهي التربية الفكرية (ذوو الاعاقة الذهنية) والصم الى جانب تعليم المكفوفين، لافتا إلى أن الحكومة الكويتية لم ترسل أي احد لدراسة تخصص تعليم المكفوفين باعتبار أن لديها فائضا من معلمي هذه الشريحة وحملة الشهادات العليا في هذا التخصص، لذلك كانت البعثة مقتصرة على دراسة تخصص تعليم ذوي الاعاقة الذهنية وضعاف السمع والصم، حيث تخصص في تعليم الأخيرين.
وتدرج في العمل في التربية الخاصة بدءا من وظيفته كمعلم ووكيل ثم مدير مساعد وبعدها ناظر ومن ثم مراقب في الإدارات للخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية يليها مدير مدارس التربية الخاصة وأخيرا أول مدير تنفيذي في المجلس الأعلى للمعاقين عام 1997 متخصص في مجال الإعاقة.
قاعدة بيانات
رفض الصالح تحميل الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة مسؤولية عدم وجود قاعدة بيانات حول تعداد ذوي الاحتياجات الخاصة في الكويت، مبررا قوله ذلك بأن الإحصاءات القديمة لا يوجد فيها أعداد وتصنيفات هذه الشريحة، ولكن بعد إنشاء المجلس والهيئة حرص الناس الذين كانوا يرفضون الإفصاح عن وجود ذوي إعاقة في أسرهم نتيجة الخجل الاجتماعي والثقافة المجتمعية الخاطئة، على التبليغ عن الحالات التي لديهم نظرا للوعي المجتمعي والدور الإعلامي في هذا الصدد، حيث بات لدى الأسر خلفية ثقافية عن متطلبات وحقوق أبنائهم من ذوي الإعاقة.
اكتشاف حالات الإعاقة
طالب الصالح الهيئة بمخاطبة جميع الجهات المعنية لتزويدها بالمعلومات والبيانات المتخصصة لاكتشاف حالات الاعاقة مثل مستشفى الولادة وكذلك المراكز المتخصصة مثل الطب الوراثي والتطويري والجهاز المركزي للإحصاء، مثنيا على المبادرة التي قامت بها الأخيرة بشأن إضافة بنود تفيد بوجود ذوي إعاقة في الاسرة مع التصنيفات.
اتهامات وانتقادات
علق الصالح على الاتهامات والانتقادات الموجهة للجان الطبية في الهيئة وآلية عملها، بقوله «الهيئة لديها كوادر من العاملين في وزارة التربية ومركز تقويم الطفل وجهات اخرى طبية ونفسية، ولم أشكك في تشخيص اللجان الطبية لأي حالة من الحالات وتصنيفها»، مشيرا إلى أنه قد يتدخل ولي الأمر في تغيير التشخيص من خلال استشاراته الخارجية داخل وخارج الكويت عن طريق أطباء واستشاريين نفسيين مما يتعارض مع عمل هذه اللجان، فالاعتماد رسميا هو تقارير الهيئة لأنها الجهة المرجعية للحكم على الحالات من حيث خضوعها للقانون أو عدمه.
الخدمات الطبية والنفسية
من واقع تجربته كمراقب سابق للخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية، تناول الصالح الحديث عن الخدمات الطبية والرعاية الصحية للطلبة من ذوي الاعاقة، حيث يوجد طبيب وطبيبة على مدار الأسبوع بمدارس التربية الخاصة مهمتهم العناية بالطلاب والطالبات، كما رأينا أن تشخيص الحالات طبيا يتطلب وجود استشاري طبي في مختلف التخصصات، بالاضافة إلى وجود ورشة لتصنيع وإصلاح الأطراف الصناعية ولا زالت قائمة حتى يومنا هذا لخدمة الطلبة من ذوي الاعاقة الحركية، بالاضافة إلى ذلك كان يوجد مصنع لقوالب الأذن (السماعات الطبية) ووجود فني / فنية لتصنيع هذه القوالب.
وبحسب علمه فإنه يتم حاليا الاستعانة بوكلاء بيع السماعات الطبية لتصنيع قوالب الأذن وتتحمل الوزارة تكاليف تصنيع القالب وتزويد الطالب بسماعة طبية مجانا وكذلك الامر في ما يتعلق بالكراسي المتحركة وغيرها من الأجهزة التعويضية التي تخدم الطالب، موضحا أن قبول الحالات بمدارس التربية الخاصة يخضع إلى اجراء فحص تشخيصي من قبل عدة موارد بشرية (الاختصاصات النفسية والاجتماعية والطبيب الاستشاري وكذلك طبيب متخصص في الطب الطبيعي).
امتيازات
قال مدير مدارس التربية الخاصة سابقاً سليمان الصالح: إن بعض الأسر تكشف عن حالات الاعاقة التي لديها وذلك رغبة في الاستفادة من الامتيازات الممنوحة لأبنائهم، بعد أن كانت تخجل سابقاً.