يبصرون الحياة بعين واحدة.. محرومون من الانخراط في الوظائف العسكرية والأعمال الشاقة.. ومستبعدون من قانون المعاقين، نتيجة قرارات غير مدروسة، وفق ما أباح به اصحاب إعاقة العين الواحدة، الذين طالبوا بإعادتهم مجددا تحت مظلة القانون والتمتع بحقوقهم، أسوة بالإعاقات الاخرى.
وتُعرف إعاقة العين الواحدة بأنها فقدان البصر الكامل في عين واحدة، بنسبة تصل إلى 100 في المئة، ووفقا لقانون المعاقين فهي تنضم تحت بند الإعاقة البصرية المتوسطة.
تحدث الإصابة بها منذ الولادة أو نتيجة لحوادث وأخطاء طبية، وبما أنها ليس لها علاج لإعادة البصر فيطلق عليها إعاقة بصرية متوسطة ودائمة، وقد تم الحصول على هذا التصنيف بعد عرض أصحاب الإعاقة على اللجان الطبية واعتمادها من المجلس الأعلى للمعاقين وبعد استلام المدير السابق للهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة تم عزل هذه الفئة من دون قانون «حذفها» علما بأنها مذكورة ضمن بنود قانون الإعاقة رقم 8 لعام 2010.
القبس التقت بعض أصحاب إعاقة العين الواحدة، لتسليط الضوء عليها والتعرف على همومهم، وأبرز مطالبهم، وذلك كما يأتي:
نادر مرزوق العتيبي، فاقد البصر في عين واحدة، ويستعين بعدسة تجميلية كاملة، فقد بصره نتيجة مشاجرة عام 1977، وشخَّص الأطباء حالته بضرورة تمويت عروق (عصب) العين للحفاظ على العين السليمة وعدم سحب النظر منها.
وبسبب إعاقته، حُرم العتيبي من العمل في مجالات الأعمال الشاقة والميدانية وفي جميع الجهات العسكرية، حيث منع منعا باتا من الدخول في هذه المجالات، بسبب وجود عاهة مستديمة، وهي تعتبر إعاقة، لأنها أعاقته عن التوظيف في المجالات المتاحة لأقرانه الأسوياء، الأمر الذي اضطره الى العمل في وظيفة ليست بمستوى طموحه وبعيدة كل البعد عن مؤهلاته.
مطالب
وطالب بمنح هذه الفئة حقوقها كاملة أو إعادة تصنيفها لوضعها السابق كإعاقة متوسطة ودائمة، لافتا إلى أنه تم تجريده من الإعاقة البصرية المتوسطة والدائمة.
وزاد بالقول: تم وقف جميع مخصّصات أصحاب إعاقة العين الواحدة وعند المراجعة للاطلاع على إيقاف مستحقاتهم، طلب منهم مراجعة اللجان الطبية لإعادة التقييم واعتبروا أنني ليست لدي إعاقة بقرار فردي غير مدروس وفق قوله.
صعوبات ومضايقات
بدوره، استعرض سعود العتيبي ولي أمر لحالة من ذوي إعاقة العين الواحدة، جملة من التحديات التي تواجه هذه الفئة منها عدم الاهتمام بهذه الفئة في مدارس التعليم العام (الحكومية)، في حين انه يفترض منحهم الأولوية، كما أنهم يتعرّضون لمضايقات وسخرية من قبل زملائهم التلاميذ، الأمر الذي يولّد لديهم إحباطاً نفسياً، وقد يقوده إلى رفض الدراسة، خصوصا إذا كان صغير السن، وهناك مشكلة أخرى تواجه أصحاب هذه الإعاقة في مرحلة الشباب، حيث يرى الشاب أن لا مستقبل له، وطموحه يقف عند مرحلة معينة، لأنه يعلم يقينا أنه لا يستطيع الالتحاق إلا بوظائف محدودة، إلى جانب مشكلة الزواج التي تواجه هذه الفئة ونظرة المجتمع السلبية له، على أنه «أعور»، وفق تعبيره، فضلا عن تدخل الأهل.
وتحدث العتيبي عن مسألة التناقضات من حيث الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة التي تعتبر أن صاحب إعاقة العين الواحدة سليم ولا تعتبره معاقا، في حين ان الجهات الحكومية تنظر اليه على أنه معاق، فكيف يحرم من حقوقه الوظيفية في الدولة؟! مبينا أن الطب الشرعي يمنح إعاقة العين الواحدة الفاقد البصر كليا نسبة %35. وهده النسبة قانونيا تعادل نسبة عجز 100 في المئة.
حادث
وسرد معاناة ابنه (20 عاما) الذي أصيب في حادث، أدى إلى فقدان بصره في عين واحدة بعد إجراء عملية جراحية في مستشفى العدان عام 1997، وبعد الانتهاء من العملية قدم الطبيب الذي أجرى له العملية الجراحية تقريرا طبيا يفيد بأن الإصابة أدت إلى قطع في شبكية العين مع تلف القرنية والعدسة، مما أدى إلى فقد البصر كليا.
مراجعة
ومضى بالقول: بعد مراجعة المجلس الأعلى للمعاقين تم تحويله إلى اللجنة الطبية في مستشفي البحر، حيث أقرت اللجنة هناك بصحة تقرير مستشفى العدان ومطابقته للحالة، وتم عمل تقرير لإثبات الحالة القاضي بفقدان البصر كليا في العين الواحدة، وعلى أساس ذلك منح المجلس الأعلى للمعاقين شهادة إعاقة بصرية متوسطة ودائمة، وبعد إتمام الثامنة عشرة تم إيقاف صرف الراتب، وعند مراجعة هيئة الإعاقة طلبوا منه إعادة تقييم الفحص، ومن ثم عرضه على اللجنة الطبية في مستشفى البحر، وبالفعل تمت مراجعة المستشفى. وأفاد التقرير الطبي بصحة التقرير الأولي (فقدان البصر كليا في العين الواحدة) بالإضافة إلى ضعف النظر في العين السليمة الثانية بنسبة 20 على 80، وبعد ذلك لم يتم الاعتراف من قبل هيئة الإعاقة بإعاقته، وتم استبعاده من قائمة المعاقين، مبدياً أسفه من القرارات التخبطية وغير المدروسة لهيئة الإعاقة!
إحراج
رفض أحد أولياء أمور ذوي إعاقة العين الواحدة التصوير بسبب الإحراج، حتى لا تظهر صورته في الجريدة، ويسبِّب حرجاً لأبنائه.
الهاجري: لجأت إلى القضاء لإنصاف ابني وابنتي
أبو مشعل الهاجري ولي أمر لطفلين (ولد وبنت) من ذوي إعاقة العين الواحدة، مشيرا إلى أن ابنه حصل على شهادة من المجلس الأعلى للمعاقين وفقا لقانون 49 لعام 1996، ومن الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، وفقا لقانون 8 لسنة 2010 على أنه يعاني إعاقة بصرية متوسطة ودائمة، إلا أنه فوجئ بقرار إعادة تقييم الفحص من اللجنة الطبية، وأن الهيئة ألغت تصنيف قرار اللجنة الطبية بعد إعادته على اللجنة مرة أخرى، وقررت الهيئة عدم وجود إعاقة بصرية له، وأنه حاليا من الإعاقات غير المقيدة بالهيئة.
ولفت الهاجري إلى أن إعاقة العين الواحدة لا تعتبر إعاقة من وجهة نظر الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، علما بأن الطب الشرعي اعتمد هذه الإعاقة في تقاريره، وهي تعتبر إعاقة في نظره، مشيرا إلى أنه عندما قامت الهيئة بعزل إعاقة العين الواحدة من التصنيفات، تم رفع قضايا في المحكمة الإدارية من قبل أصحاب العين الواحدة وأولياء أمورهم، وهناك قضايا حصلت حكم أول درجة لمصلحة أصحاب إعاقة العين الواحدة بعد أن تم عرضهم على الطب الشرعي الذي أكد في تقاريره أنها إعاقة.
وتحدث الهاجري عن معاناة ابنه وأقرانه من أصحاب إعاقة العين الواحدة في ما يتعلق بالحصول على رخصة القيادة، مبينا أن صلاحية رخصة القيادة بالنسبة الى الأسوياء عند إتمام السن القانوني تصل إلى 15 عاما، في حين ان صلاحية هذه الرخصة بالنسبة الى أصحاب إعاقة العين الواحدة لا تتجاوز مدتها 5 سنوات، وهناك من مُنح سنتين مثل ابنه، وآخرون ثلاث سنوات، لافتا إلى أنه بعد انتهاء صلاحية الرخصة يتم عرض الشخص ذاته (صاحب المعاملة) على لجنة فحص النظر مرة أخرى، التي من المحتمل أن يتم منحه سنوات قليلة جدا أقل من خمس سنوات عند إجراء الفحص الثاني أو أن يتم إسقاط الرخصة لعدم قدرته على القيادة.
وتابع الهاجري في سرد معاناة ابنه الذي حرم من الالتحاق بالوظائف العسكرية بسبب إعاقته البصرية في الوقت الذي تشرف به زملاؤه الأصحاء بالالتحاق بالخدمة العسكرية، متسائلاً: كيف لا تعتبره الهيئة معاقا وجميع قطاعات وهيئات الدولة العسكرية تحرمه من حقوقه، أليس هذا تناقضا؟!
وتحدث الهاجري عن إعاقة ابنته (11 عاما) وهي تعاني إعاقة في العين الواحدة ونسبة النظر في العين الثانية ضعيفة، حيث فوجئ بأن الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة منحته إعاقة مختلفة تماماً عن إعاقتها الأصلية، حيث حولتها من إعاقة بصرية متوسطة ودائمة إلى جسدية بسيطة ودائمة منذ الولادة مرفقا حديثه بشهادتي إثبات الإعاقة الأصلية والمتحولة.
وزاد بالقول: بعد تغيير شهادات الإعاقة اضطررت إلى اللجوء إلى القضاء لإنصافنا، كما أن اللجنة لم تنظر إلى التقارير الطبية الرسمية، بل تطرقت إلى توجيه أسئلة لابنتي للتأكد من سلامة قواها العقلية، وهذا يمثل تناقضا في عمل اللجنة!
عاهة مستديمة جراء حادث
نقل سعود العتيبي معاناة ابنه عقب إصابته بالعاهة المستديمة التي ولَّدت لديه إعاقة نفسية، غير أنها سرعان ما تمت متابعتها وإلمامها بفضل دعم الأسرة له، حيث ساعدته على التأهيل النفسي، وتم عمل عدسة صناعية تجميلية لتغطي تشوّهات العين ومنحها صورة جمالية، وبعد أن كان يشعر بالإحراج والانطواء الاجتماعي حاولنا تأهيله نفسيا، من خلال عرض تجارب لحالات إعاقات شديدة ومقارنتها بإعاقته، وكيف تعايش هؤلاء مع إعاقاتهم وكأنها جزء من حياتهم.
القحطاني: جمعية المكفوفين غير مهتمة بنا
أشار ماجد القحطاني (40 عاما وهو من أصحاب إعاقة العين الواحدة) إلى أنه بموجب القانون القديم لذوي الإعاقة فإن هذه الإعاقة تُصنَّف على أنها إعاقة بصرية متوسطة ونسبة العجز فيها تمثل %35 إذا كانت العين الأخرى سليمة أو فيها نظر ضعيف، مضيفا «انه في بداية صدور القانون الجديد تمت مطالبة هذه الشريحة بإعادة التقييم، ومن ثم بلغونا باستبعاد إعاقة العين الواحدة من القانون».
وأضاف القحطاني بالقول: ان المفارقة العجيبة أن اللجنة التي منحتنا شهادة إعاقة هي التي استبعدتنا، علما بأننا نعتبر من ذوي الإعاقة وفقاً لتعريف المعاق في المادة الأولى من القانون الجديد، مستعرضا درجات تحديد نسب الإعاقة في مختلف الإعاقات، حيث إنها تعتبر بسيطة إذا كانت أقل من %25، ومن %25 ـــ %49 تعتبر بسيطة، في حين ان الإعاقة الشديدة تمثل %50 فما فوق، ويعتمد هذا التصنيف على نسبة العجز.
ولم تختلف معاناته والصعوبات التي تعترض مسيرته الحياتية عما سبقه، لافتاً إلى رفض قبول هذه الفئة بالفحص الطبي الخاص ببعض الوظائف، بما فيها القطاع العسكري والأعمال الميدانية، ناهيك عن الإعاقة ذاتها، حيث الشعور بفقدان %50 من القدرة البصرية يمثل أمراً مزعجاً.
وانتقد عدم اهتمام والتفات جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الإعاقة، لا سيما جمعية المكفوفين، معتبراً أن موقفها سلبي من إعاقة العين الواحدة، كما أن هناك تخاذلاً من أعضاء اللجنة البرلمانية لذوي الاحتياجات الخاصة، فمنذ تشكيلها لم نشهد سوى اجتماعٍ واحدٍ، كما أنه لا يوجد اهتمام وحلحلة لمشاكلنا وقضايانا.
وطالب القحطاني بإعادة إدراج أصحاب إعاقة العين الواحدة تحت مظلة القانون، وإن كانت هناك معايير فلتطبق منذ بداية صدور القانون من دون أثر رجعي لأصحاب الشهادات القديمة، لافتاً إلى أن كثيراً من الحالات حصلت على أحكام درجة أولى تؤيد مطالبهم، كما أن تقارير الطب الشرعي التي طلبتها المحكمة تؤيد إعاقتهم.
اللجان الطبية
طالب أصحاب إعاقة العين الواحدة بإعادة النظر في عمل اللجان الطبية وتشخيصها الإعاقات، إما بتصنيفها أفراداً أصحاء ينخرطون في جميع وظائف الدولة، وإما بتصنيفهم معاقين ينالون حقوق ذوي الإعاقة.
اجتماع
رجا أولياء أمور ذوي إعاقة العين الواحدة الاجتماع مع مدير الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة د. طارق الشطي، لمناقشة قضايا العين الواحدة، وإنصاف حقوقهم.
[url]http://im74.gulfup.com/uEn8lp.jpg[/url]
[url]http://im55.gulfup.com/IdvEKg.jpg[/url]
[url]http://im74.gulfup.com/M6ugfW.jpg[/url]
أحد أنشطة جمعية المكفوفين (أرشيفية)
[url]http://im74.gulfup.com/3zabge.jpg[/url]
سعود العتيبي ونادر مرزوق يتحدثان إلى القبس تصوير محمود الفوريكي