[B]عيد بأية حال عدت يا عيد.. بما مضى أم لأمر فيك تجديد!» بهذه الكلمات الشعرية المؤثرة التي قالها أمير شعراء العربية أبو الطيب المتنبي، يستقبل ذوو الاحتياجات الخاصة عيد الفطر المبارك ويعتبرونه فرصة للفرحة والانطلاق والانفتاح على الحياة، والتعبير عن الإرادة والعزيمة القوية التي تهزم الإعاقة. ذوو الاحتياجات الخاصة ينتظرون العيد بفرحة ولهفة، ففيه تصفو النفوس وتهدأ الأرواح ويمر على قلوبنا كالنسيم الرقيق، إذ يشعرون فيه بالفرحة والسرور بعد أن صاموا النهار وقاموا الليل، وهاهم كغيرهم من المسلمين يحصدون ثمار ما زرعوا من خير وعبادة. ويمثل العيد فرحة وسعادة غامرة يسعد بها الجميع، كما أنه مناسبة طيبة لتلاقي الأحبة وجمع الأرحام وأواصر الصداقة التي تلعب دورا في تعزيز العلاقات الاجتماعية وتقويتها وتجديد أنسجة العلاقات العائلية وتطييب النفوس. ويحرص ذوو الاحتياجات الخاصة على مشاركة أقرانهم الأسوياء وأسرهم هذه الفرحة بعيدا عن الأجواء الروتينية المعتادة على مدار العام، ورغم أن لكل برنامجه الخاص فان شراء الملابس الجديدة وتبادل التهاني وزيارة الأقارب تظل السمة الغالبة في مثل هذه المناسبات. وعلى الرغم من أنها مناسبة سعيدة يأنس بها الجميع، فان ذوي الاحتياجات الخاصة أجمعوا على أن ثمة عوائق تنقص فرحتهم، ومن ذلك الازدحام الشديد وعدم تخصيص مرافق ترفيهية ملائمة لظروفهم، فضلاً عن المواقف المختطفة وعدم توفير الصعدات للكراسي المتحركة. القبس التقت عددا من ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم للتعرف على مطالبهم قبل العيد. تؤكد منى محمد، وهي الحاصلة على ميداليات في لعبة التنس وفازت بالعديد من البطولات الرياضية، أنها تنتظر العيد بفارغ الصبر، موضحة أنها كانت تصوم رمضان، وحرصت على أداء جميع الصلوات في المسجد، وهي على دراية تامة بأن هذا الشهر هو شهر العبادة والخير، بالإضافة إلى أنها تحرص على النزول لصلاة العيد. وأكدت منى أنها لا تترك المشاركة في النادي للتدريب بعد الصلاة في رمضان، وفي العيد أيضا إذ ان التدريبات الرياضية تعتبر متنفسا لها. تكبيرات العيد وأكدت منى أنها تعشق سماع تكبيرات العيد، رافعة يديها الى السماء لتشكر الله على ما انعمه عليهم، لتحرك بعدها ذلك الكرسي الصغير الذي احتضن جسدها متجهة إلى غرفتها للصلاة، وبعد فراغها من الصلاة أمسكت المصحف الكريم ووضعته على صدرها قبل ان تقرأه، حيث اخذت نفسا عميقا وابتسمت، اذ شعرت براحة، مشيرة إلى أن الإعاقة لم تكن يوما سببا في منعها من أداء المراسم الدينية أو منعها من ان تفرح بالعيد حالها حال الأصحاء، مبينة أن ذوي الإعاقة وحدوا إعاقتهم وجعلوها منارة لتنير الطريق للاخرين، ورسموا آمالهم وأحلامهم وطموحاتهم بإعاقتهم. وأضافت أنها لم تشعر يوما أن الإعاقة هزمتها، بل استغلت هذه الإعاقة في تدريب نفسها للعب رياضة التنس التي تحبها كثيرا، موضحة أنها تشارك في الكثير من الأنشطة الرياضية. مطالب وعن مطالب المعاقين في العيد، تمنت منى أن تلتفت الجهات المختصة إلى معاناة هذه الفئات، وأن تعمل الحكومة على مضاعفة الدعم المادي والمعنوي، فضلا عن تفعيل قانون المعاقين الجديد، ووضع خطة لمنع اختطاف حقوق المعاقين وحماية مكتسباتهم. كما طالبت منى وغيرها بالعمل على رعاية المعاقين، ومنحهم المزيد من الحقوق وتكريس دعمهم، فضلا عن اتخاذ إجراءات مشددة لمنع الانتساب زورا لذوي الإعاقة، ووأد ظاهرة شهادات الإعاقة المزيفة. قالت رئيسة لجنة زواج ذوي الإعاقة صفية الشمري ان المعاق مثل أي مواطن يحتفل بهذه المناسبات السعيدة، لافتة إلى أنها تستعد للعيد مثل أي أم تتأهب وتشتري أغراضها مع عائلتها بغض النظر عن الإعاقة. مشاكل وأشارت إلى أن المشكلة التي تواجهها خاصة في الأعياد تكمن في أن المرافق والأماكن الترفيهية ليست مهيأة لذوي الإعاقات الحركية، حيث إن أغلب مداخل ومخارج المسارح عبارة عن سلالم، أما عن مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة فحدِّث ولا حرج، ولا يوجد فيها أمل في ظل الازدحام، في حين ان مداخل ومخارج المطاعم والمجمعات التجارية شهدت تطوراً ملحوظا من حيث انها أصبحت مهيأة لهذه الشريحة في المداخل والصعدات. أين الفعاليات؟! وانتقدت الشمري دور الجمعيات المعنية بذوي الإعاقة من حيث عدم تنظيمها للفعاليات بالشكل الصحيح لذوي الاحتياجات الخاصة وأولياء أمورهم مثل تنظيم يوم مفتوح يضم جميع الشرائح من ذوي الإعاقة وأسرهم وغيرهم من القائمين على الاهتمام بهذه الفئة والشخصيات التي لها دور في مصالح ذوي الإعاقة، بحيث تكون وسيلة للتعارف المتبادل والدمج الاجتماعي. أولوية وبدورها، طالبت إلهام الفارس ولية أمر لثلاثة أبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة بتخصيص أولوية لذوي الإعاقة في المطاعم والسينما والمسارح، بحيث يكون هناك نوع من التعاون مع ظروف هذه الفئة والاهتمام بها، موضحةً أنها لا تجد مكانا لأولادها حينما تذهب للترفيه معهم في أوقات الأعياد. وأشارت الفارس إلى أنها تقتضي أيام العيد في تبادل الزيارات العائلية والذهاب الى الأماكن الترفيهية برفقة أبنائها لتشاركهم فرحة العيد وحرصاً منها على انخراطهم وإشراكهم في البيئة التي يعيشون فيها. ومن ناحيته، تحدث نزار رمضان من ذوي الإعاقات الحركية عن برنامجه الخاص، الذي شمل زيارة القبور في اليوم الأول للأحباء الذين فقدهم، أما اليوم الثاني فيقتصر على توثيق صلة الرحم من خلال تبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء فضلاً عن قضاء يوم ترفيهي برفقة أبنائه في المرافق الترفيهية. أماكن ترفيهية وأشار رمضان إلى عدم تخصيص ألعاب لذوي الإعاقة في الأماكن الترفيهية، حيث ان أغلب الألعاب سلالم أو خطرة، الأمر الذي يجعل فرحته بهذا العيد تكون بالنظر فقط وليس المشاركة. وطالب من المشروعات السياحية بضرورة النظر والتفكير في أبناء هذه الفئة وتوفير المناخ الترفيهي لهم مثل غيرهم من دون عزلهم، لافتا إلى أنهم شريحة كبيرة في المجتمع الكويتي بما يزيد على 30 ألف معاق من الجنسين. واستحضر رمضان ذكريات فرحة العيد الخاصة بالجيل القديم في أوائل الثمانينات والذي له طعم خاص، على حد قوله، حيث الألعاب القديمة التي حازت نصيبا وافرا في المهرجانات العريقة والقديمة التي تشترط مثل هذه الألعاب. زيارات والتقطت أسيل عوض العنزي (من ذوي الإعاقات البصرية) أطراف الحديث، لافتة إلى أنها تستعد للذهاب الى السوق لشراء الملابس الجديدة، موضحة أنها تحرص على تبادل الزيارات العائلية والتردد على الأماكن السياحية. واعتبرت العنزي أن لقاء الأحبة أبرز ما يميز فرحة العيد، مبدية أسفها الشديد لعدم وجود أماكن أو ألعاب خاصة بذوي الإعاقة! واتفقت معها صديقتها حوراء عايد العنزي بشأن تخصيص أماكن سياحية لهذه الفئة، مشيرة إلى أن زيارة الأقارب والأصدقاء سمة أساسية تمتاز بها المناسبات والأعياد. اهتمام جمعيات النفع العام أشار رمضان إلى أن بعض جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الإعاقة تتسابق على الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة وقت المهرجانات أو خلال أيام العيد. ورأى رمضان أن العيد في الكويت يحمل معاني كثيرة، ليس الفرحة فحسب، بل أيضا هو عيد المحبة والتفاؤل والأمل والتسامح. مسرحيات للصم طالب عدد من ذوي الإعاقات السمعية (الصم) وذويهم بتنظيم أعمال مسرحية لفئة الصم تتناسب مع ظروفهم وإعاقاتهم، مبدين أسفهم من عدم اهتمام المجتمعات العربية وإغفالها لبعض الأمور التي تهم هذه الشريحة. أين الفعاليات؟ رأى عدد من أولياء الأمور أن الفعاليات الاحتفالية لدمج المعاقين قليلة في البلاد، مؤكدين أنها تلعب دوراًم مهماً في تقبل الإعاقة ومساندة ذوي الاحتياجات الخاصة.[/B]