[B]ذوو الاحتياجات الخاصة هم أفراد تجمعنا معهم صفات متعددة ومشتركة، وهم مثل غيرهم بحاجة إلى التواصل مع البيئة المحيطة بهم، كما لهم حاجتهم الخاصة سواء في النواحي التربوية أو التعليمية، جعلتهم يحتاجون إلى نوع مختلف وبخاصة عما يتطلبه أقرانهم.
وتعد جمعيات النفع العام المعنية بحقوق المعاقين الكيان الأقدر على تقديم العون لهم وتوفير هذه الرعاية الأولية فضلاً عن تهيئة الأبنية الأساسية لهم، إلى جانب أهميتها في تعزيز حقوقهم وقضاياهم وتوصيل صوتهم إلى المسؤولين لرفع مستواهم وجعلهم ينخرطون مع الناس وداخل المجتمع الذي يعيشون فيه لكونهم يشعرون بأنهم منبوذون منه نظراً لإعاقتهم الجسدية أو الذهنية أو حتى النفسية.
ويبدو أن هذه المؤسسات التي تحمل شعار «الحاضر الغائب» في واد وقضايا ذوي الإعاقة في آخر، بعيداً عن الحسبان، فبالرغم من انتشار هذه الجمعيات وزيادتها الملحوظة سواء المشهرة منها أو تحت الإشهار فضلاً عن الأندية، فإن دورها مازال قاصراً ومهمشاً بشأن تبني وطرح قضايا هذه الفئة ورفع مطالبها للمعنيين.
واتفق مسؤولو جمعيات معنية بقضايا المعاقين على ضعف وهشاشة التعاون فيما بينهم وهو ما ألقى بظلاله السلبية على تأخير تنفيذ القانون الجديد للمعاقين، على حد قولهم، مشيرين إلى تقصير دورها في توصيل صوت أبناء هذه الفئة وتهميش حقوقهم وقضاياهم.
وطالب ممثلو هذه المؤسسات بضرورة تشكيل رابطة وطنية بمشاركه جميع جمعيات النفع العام المشهرة منها أو تلك التي تحت الإشهار بحيث تتولى مهمة طرح مطالبهم وإبراز دورهم في المجتمع الذي يعيشون فيه، فيما ألقى أولياء الأمور اللوم على تقصير دور الإعلام الكويتي في نشر الوعي بشأن هذه الشريحة وتبني احتياجاتهم وإثارة قضاياهم لتحسين واقعهم المعيشي فضلاً عن تعزيز وجودها في المجتمع، لافتين إلى هضم حقوق بعض الإعاقات وحرمان أصحابها من مزايا القانون الجديد بسبب افتقارهم لجمعيات خاصة بهم تدافع عنهم وتقر حقوقهم الضائعة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر فئة صعوبات التعلم، بالإضافة إلى حصر اهتمام النادي الكويتي الرياضي للمعاقين على الإعاقات الحركية دون الذهنية.
يعلق نائب أمين السر في الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين علي الثويني جملة من المثالب على أداء جمعيات ذوي الاحتياجات، كالتقصير وضعف التعاون بين الجهات المعنية بحقوق المعاقين سواء كانت جمعيات مشهرة أو تحت الإشهار أو حتى أندية في الدفاع عن حقوق المعاقين وقضاياهم، لافتا إلى أن هذا التكاتف كان موجودا قبيل إقرار قانون المعاقين الجديد متمثلاً في الاجتماعات الدورية الشهرية.
انكماش
وأشار الثويني إلى انكماش دور الجهات الرسمية المعنية بذوي الإعاقة نظراً للضغوط المثقلة على كاهلها، فضلاً عن ظهور جهات مرشحة داخل هيئة شؤون المعاقين تسعى للانقسام بين المؤيدين والمعارضين، مما أسهم في ضعف أداء هذه الجهات، ولاسيما في المطالبة بحقوقها بخلاف الجمعيات تحت الإشهار التي بلغت أوجها في رفع الراية، وكذلك الجهات غير الحكومية الفعالة في طرح الرأي نظراً لانعدام المحاسبة.
وأضاف أن تردي دور هذه الجهات أدى إلى ظهور مجموعات تطوعية مهنية بحقوق المعاقين، فضلاً عن الديوانيات والتجمعات النسائية، حيث إنها لم تر أي جهد ملحوظ من قبل الجهات الرسمية كما أن القائمين على الهيئة من غير المختصين لا يرجعون إلى المعاقين في تنفيذ القانون، مما أثار ربكة وتشتيتا في العمل.
أنشطة روتينية
وفي تعليقه على طبيعة الأنشطة في هذه الجهات، أشار الثويني إلى أنها قليلة وروتينية وتتمثل في المؤتمرات والندوات واللقاءات الجماهيرية وغيرها من البرامج، حيث إنه لا يوجد صدى عند الهيئة ومسؤوليها لمواصلة مسيرة الفعاليات إلى درجة أن البعض يتجه للقضاء والمحامين لاتخاذ الإجراءات الرسمية من أجل حقوقهم، معللاً الأمر بأن تحرك أعضاء مجلس الأمة لم يسفر عن شيء كما أنهم غير قادرين على تغيير الواقع المؤلم والأخذ بيد المعاقين والدفع بالقانون نحو التفعيل، فضلاً عن وجود أقطاب مؤثرة في المجتمع سواء اقتصادية أو سياسية، مما أسهم في وجود جهات دخيلة لا تمثل المعاقين بالأساس داخل الهيئة وهو ما يخالف القانون تقمصت الدور الذي كان لابد أن تأخذه هذه الجهات الرسمية.
صوت بلا صدى
ولفت الثويني إلى أن بعض هذه الجهات تسعى جاهدة لتوصيل صوت المعاقين لدى المسؤولين، ولكن لا صدى في الأمر، مشيراً إلى أن مسايرة بعض الجهات لبعض القياديين بالهيئة دفع إلى عدم توصيل عجلة المطالب الخاصة بالمعاقين، علاوة على أن الهيئة لا تفعّل القانون ولوائحه.
تبرعات
وبشأن الميزانيات التي لا أحد يعلم أين تذهب، سلط الثويني الضوء على عدم فهم آلية صرف الميزانيات، مفسراً بأن بعض الجمعيات أعطي لأعضاء مجلس إدارتها الحق في أخذ نسبة من التبرعات من باب التشجيع بشكل يؤثر على الأنشطة والبرامج، بالإضافة إلى أن بعض الميزانيات تكون على بنود الأنشطة غير متوازية، فالجانب الإعلامي قد يكون أكثر من الثقافي، أما بالنسبة للهيئة، فهناك آلية ضعيفة لصرف الميزانية للبرامج الاجتماعية والثقافية، الأمر الذي يجعل هذه الجهات تأخذ تبرعات من الخارج لسد العجز.
تحايل
وأفاد بأن آلية صرف الميزانية دفعت بعض الجهات إلى التحايل على اللائحة المالية، لذا نوصي المتبرعين بأن تكون تبرعاتهم على شكل مشروع بدلاً من التبرع النقدي، لافتاً إلى أن بعض الجمعيات المعنية بحقوق المعاقين تمتلك ميزانيات قليلة مما لا يساهمها في إنجاز كل أعمالها، داعيا الجهات المعنية إلى الترابط والتعاون للمطالبة بحقوق هذه الفئة والنأي عن التشتت والتفرقة.
تناحر
من جانبها، أكدت نائب رئيس الجمعية الكويتية لمتلازمة الداون حصة البالول، أن جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة في وادٍ وقضايا المعاقين في واد آخر، مشيرة إلى عدم تعاونها، وأن الكل يلهث وراء مشاكله الشخصية، مستثنية من ذلك جمعية المكفوفين التي أشادت بدورها وتميز التعامل معها إلى جانب جمعية أولياء الأمور.
وأشارت إلى أن التناحر وعدم التكاتف بين هذه الجمعيات أضعف القانون، لافتة إلى غياب تبادل الخبرات في ظل وجود الأنشطة التي وصفتها بالمتكررة والروتينية والمتمثلة في تنظيم المعارض والصور.
رابطة وطنية
وحول موضوع الميزانيات، نفت البالول الدعم الحكومي لجمعيتها، مبينة انه تستقبل الدعم من أهل الخير بخلاف جمعيات المكفوفين والتوحد والنادي الرياضي، التي تدعمها الحكومة.
ودعت البالول إلى ضرورة التعاون بين الجمعيات ونبذ الخلافات في ما بينها من خلال الاجتماعات الدورية الشهرية لتبادل الخبرات وطرح المطالب وتوصيلها إلى الهيئة، وذلك من خلال تشكيل رابطة وطنية بمشاركة الجمعيات المشهرة وغير المشهرة لمصلحة المعاقين، بالإضافة إلى التمييز بين الإعاقات وفق قدراتها.
انحياز
وبدوره، أكد رئيس جمعية الصم حمد المري أن أغلب الجمعيات المعنية بذوي الإعاقة يتعاون بعضها مع بعض، لكن عددا منها يميل الى الانحياز مع هيئة المعاقين، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن الجمعيات خاطبت المسؤولين في الهيئة لتسريع وتيرة تنفيذ قانون المعاقين، لكن المسؤولين بالهيئة يتكاسلون ولا يتحركون بشكل فعلي. وأكد أن تنفيذ القانون يخفف من معاناة هذه الفئة ويحمي حقوقها كاملة، لافتاً إلى تركيز المسؤولين على المبنى المؤقت وليس على تفعيل القانون الذي يمثل الركيزة الأساسية لصون حقوقهم.
جمعيات مستفيدة
وطالب المري باستبعاد الجمعيات المستفيدة مادياً التي لا تمثل فئة المعاقين وفقاً للمادة 51 من القانون، مناشداً الحكومة الإسراع في تطبيق القانون وتذليل الصعاب التي تحول دون تنفيذه.
واختتم حديثه، داعياً إلى ضرورة تشكيل لجنة طبية محايدة تضم كادرا من الأطباء المتخصصين منعاً للتلاعب وانتهاك حقوق هذه الفئة.
أولياء أمور معاقين: لدينا معاقون بلا جمعيات تمثلهم
من جانب أولياء الأمور، أشادت أم زهراء وهي ولية أمر طفلة معاقة حركياً بدور الهيئة العامة لشؤون المعاقين، موضحة أنها تبذل جهوداً حثيثة لتوصيل معاناتنا وتسعى للتطوير من أجل مصلحة المعاق، وليس ذنبها أن وزارة الشؤون غير مرنة وغير متعاونة، كما أن المشكلة لا تكمن في الهيئة، ولكن في أن المبنى ذاته غير مناسب، بينما المبنى الجديد غير متوافر حتى الآن إلى جانب نقص المواقف والموظفين، مما يشكل ضغطا وعبئا كبيرين فضلاً عن المصاعد الضيقة.
مظهر حضاري
أما د. فريد كلندر، وهو ولي أمر طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة ومهتم بقضايا المعاقين وشؤونهم، فاعتبر أن وجود جمعيات تعنى بشؤون هذه الفئة مظهر حضاري وبلا شك له إيجابيات كثيرة، لافتاً إلى وجود جمعيات متخصصة بنوع معين من أنواع الإعاقات وتهدف كل منها وفق تخصصها إلى أهداف محددة بشكل يصب في مصلحة هذه الفئة، وبالتالي فإن وجودها له تأثير إيجابي لمصلحة ذوي الإعاقة.
حقوق ضائعة
وأشار إلى نقص الجمعيات المعنية بإعاقات معينة، منها – على سبيل المثال – فئة صعوبات التعلم التي تفتقر إلى كيان أو جمعية تدافع عنهم وتحاول إقرار حقوقهم الضائعة على حد قوله، مبيناً ان هذه الفئة تعاني صعوبة استيعاب المواد الدراسية، خصوصا العلمية منها، كما أن قدراتها محدودة بخلاف الشخص الطبيعي الذي يمكن أن يتجاوز أكثر من 6 مواد دراسية.
القانون الجديد
وأكد أن قانون الاحتياجات الخاصة لم ينصف هذه الفئة كما أنهم محرومون من مزايا القانون الجديد، معيباً في الوقت ذاته على النادي الرياضي للمعاقين الذي على الرغم من أنه يتميز بكثرة الأنشطة إلا أنه أكثر اهتماماً بالإعاقات الحركية عن الإعاقات الذهنية، متسائلا: أين دور الدولة والجمعيات من هذا؟
أصوات علمية
وأردف بالقول: ينقص هذه الجمعيات الناحية التخصصية والعلمية والأكاديمية في هذا الجانب، بالإضافة إلى ذلك فهي كثيراً ما تتطرق إلى النواحي والمسائل بأسلوب عاطفي وهو ما يؤثر على طريقة نقل الآراء إلى الجهات المختصة فتكون ناقصة للدعم العلمي.
وتحدث عن القانون الجديد، مشيدا بالقانون الخاص بإنشاء الهيئة العامة لرعاية المعاقين الذي اعتبره جيدا وقد استوفى جميع الجوانب غير أنه جاء متعجلا وبحاجة إلى إعادة النظر، كما أن هناك كثيرا من البنود التي تحتاج إلى إعادة الصياغة والشرح علاوة على أن هناك كثيرا من البنود التي يصعب تطبيقها عملياً وإنما وضعت لتزيين القانون وهذا غير مطلوب.
جهل الإعلام
أما إلهام وهي ولية أمر لثلاثة أبناء من متلازمة الداون، فأشادت بالجهود المبذولة من قبل جمعية أولياء أمور المعاقين، لافتة إلى الخبرة والدراية التي يتمتع بها أعضاؤها سواء من أولياء الأمور ذاتهم أو من المتطوعين، حيث إنهم يعملون على قدم وساق في سبيل سعادة هذه الفئة وإحساسها بذاتها سواء في المهرجانات أو الاحتفالات الخاصة بهم.
وقالت إن المعاق في أمس الحاجة إلى الترفيه والاهتمام وهو ما لم توفره في جمعيات النفع العام، لافتة إلى جهل الإعلام الكويتي بتبني قضايا المعاقين ولاسيما في مهرجانات هلا فبراير وكذلك دور أولياء الأمور في اكتشاف مواهب أبنائهم وتنميتها.
الدعم
وأكدت أن الدعم المادي والمعنوي للأفكار والإبداعات يعد مقياس نجاح الجمعيات وفشلها، معربة عن استيائها من مسألة تصنيف المعاقين من خلال منحهم شهادة إعاقة وحتى لذوي الإعاقات البسيطة جداً وهو ما يعد دمارا للطفل ويلقي بظلاله النفسية على الحالة ومستقبلها، مقترحةً سرية شهادة الإعاقة للحالات الخفيفة بحيث يتم إخطار المدرسة بها وإدراجها بملف سري دون تحرير شهادة إعاقة له، فضلاً عن ضم أولياء أمور المعاقين في لجنة المعاقين البرلمانية.
لا خطط إعلامية لإبراز واقع المعاقين
أشارت أم زهراء إلى تقصير الجمعيات المعنية بحقوق المعاقين في أداء دورها، لاسيما أن هذه الفئة بحاجة إلى إبراز دورها، حيث إنها لا تحرص على الظهور الإعلامي الملحوظ من خلال الدعاية والخصومات وخاصة في المدارس الخاصة بهم التي تعتبر بيت الطالب الأول، مطالبة إياها بالالتفاف المكثف حول حقوقهم وقضاياهم والمساهمة في نشر الوعي في المجتمع الذي يعيشون فيه ودمجهم مع أقرانهم الأسوياء من خلال المشاركة في مهرجانات الأعياد الوطنية وتخصيص موكب يمثل صوتهم على اعتباره يوما وطنيا يبرز وجودهم الفعلي في المجتمع، فضلا عن تنظيم حفلات تكريم بارزة للمتفوقين منهم بما يليق بهم أسوة بأقرانهم الأسوياء بمشاركة وسائل الإعلام المرئية والمطبوعة وبحضور عدد من الشخصيات البارزة إلى جانب الحصول على الامتيازات والخصومات في معاهد تعليم اللغات والحاسب الآلي.
[/B]